يا شيخ: إني أقرأ كثيراً، وقد قرأت في اليوم الواحد أكثر من ثلاث ساعات، ولكني لا أخرج بفائدة!
الجواب
هذا الأخ يقول: إنه يقرأ ثلاث ساعات، لكن لا يخرج بفائدة، أنا لا أتصور أن يقرأ ثلاث ساعات ولا يخرج بفائدة، يعني: لو ما حصل على فائدة إلا الصبر على هذه الساعات وتعويد النفس فهذا حسن، لكن طبعاً هذا لا يكفي، فربما لا تخرج بفائدة؛ لأن طريقتك في القراءة ليست صحيحة، هناك أناس يمسك الواحد منهم الكتاب ويستعرض استعراضاً وتصفحاً ولا يستغرق هذا إلا فتح الصفحة التي بعدها وفتح الصفحة التي بعدها، وأنا أنهيت زاد المعاد في كذا يوم، وأنا أنهيت كذا، وهذه المجلدات، معناها الخلل في طريقة القراءة، كيف تقرأ؟ وبعد ذلك هناك طرق لكي تخرج بأشياء، فمثلاً: استخدام القلم، الآن في علم النفس كلما استخدمت عدداً أكبر من الحواس، كلما كان انتفاعك أكثر، لو قرأت بعينيك فقط فهذا ليس كقرائتك بعينيك ولسانك، فيشترك اللسان والسمع والعين، وهذا ليس كقرائتك مع استخدام القلم، فإذاً يمكن أن يزيد الانتفاع من القراءة باستخدام حواس أكثر وأشياء أخرى مثلاً: هل تقرأ أكثر من مرة أم تقرأ مرة واحدة.
سئل البخاري رحمه الله تعالى عن سبب حفظه، يعني: كيف حفظت هذه الأشياء؟ قال: لم أجد أنفع من مداومة النظر والقراءة.
فليست القضية أن البخاري حافظته قوية جداً، فاعتمد على حافظته فقط، لا طبعاً، لم أجد أنفع من مداومة النظر والقراءة.
فأولاً: هل تقرأ الموضوع مرة أو أكثر من مرة؟ هل إذا قرأت موضوعاً تحاول أن تلقيه على الناس وتقدمه في المجالس؟ فهذا شيء مهم، لو أن كل واحد يلقي في المجالس ما يقرأه ويقول: أنا قرأت كذا وسمعت كذا و (تداول العلم).
كان بعض السلف إذا ما وجد طلبة علم يقرءون عليه يحضر بعض صبيان الكتاب يجلسهم ويقرأ عليهم الحديث، وبعضهم كان عنده طلاب نهمين بطلب العلم، كان يقول: يرحمك الله كم من حديث أحييته في صدري بسبب كثرة النقاش والسؤال وإعادة السؤال عدة مرات، لذلك تجد العالم الذي عنده طلبة كثيرون ويسأل دائماً تجد أن علمه حياً، لكن العالم الذي لا أحد عنده ولا يسأله أحد تجد علمه يتقلص، لأن الذي يسأل العالم يضطره إلى المراجعة، أو يضطره إلى إعادة الإجابة عدة مرات، فترسخ القضية في ذهنه، لو يجد بعض الناس يقول: وقد ورد عن رسول الله في مسند كذا أن من حديث فلان فهذا الكلام قد لا يأتي من أول مرة بل لأن هذا الرجل يتكلم بهذا الحديث عدة مرات في أكثر من مجلس، فحفظه.
فإذاً كيف تقرأ؟ ما هي سرعتك في القراءة؟ هل تشرك أكثر من حاسة في القراءة؟ هل تعيد ما قرأته وتذكره وتشيع العلم هذا الذي تعلمته؟ هل تطبق العلم؟ ورد عن الإمام أحمد أنه قال: ما من حديثٍ صح إلا وعملت به حتى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم أنه احتجم وأعطى أبا محذور - يعني الحجام- ديناراً، فاحتجمت وأعطيت الحجام ديناراً.
فإذاً هل تطبق العلم؟ ثم قضية استخدام القلم مثلاً؟ هل تحرص على تلخيص كل مقطع بجملة بسيطة؟ هل تحرص على وضع خطوط بقلم الرصاص بشكل نظيف على الأشياء المهمة؟ هل تحرص على ترقيم الفقرات المبعثرة؟ فإذاً: السبب أن طريقتك في القراءة فيها خلل يحتاج أن تراجع، وهناك كتب للغربيين وضعوا أشياء عجيبة في هذا، والحكمة ضالة المؤمن، كتب في كيفية القراءة وكيفية الحصول على أكبر قدر من المعلومات وأكبر نسبة مئوية مما تقرأ.