وحب الرئاسة له مظاهر كثيرة، فمنها مثلاً: أنه لا يعمل إلا إذا صدر، فإذا لم يصدر لم يقدم شيئاً ولا حتى رأياً مفيداً ينفع من عنده، وربما يقول: أَدَعُ غيري يفشل حتى أستلم أنا، مع أن بالإمكان أن يساعده ويكون التعاون من أسباب النجاح، لكن يريد أن يفشله ليخرج هو إلى الصدارة.
وقال بعض السلف موضحاً مظاهر حب الرئاسة: ما أحب أحدٌ الرياسة إلا أحب ذكر الناس بالنقائص والعيوب، فهذه أيضاً من علامات حب الرئاسة، ما أحب أحدٌ الرياسة إلا أحب ذكر الناس بالنقائص والعيوب ليتميز هو بالكمال، ويكره أن يذكر الناس أحداً عنده بخير، ومن عشق الرئاسة فقد تودع من صلاحه.
وكذلك من مظاهرها: ألا يدل على من هو أفضل منه في الدين أو العلم والخلق ويحجب فضائل الآخرين، ويكتم أخبارهم حتى لا يستدل الناس عليهم فيتركوه ويذهبون إلى الأخير، أو يخشى أن يقارن الناس بينه وبين الأفضل فينفضوا عنه أو ينزل في أعينهم ويقل مقداره عندهم.
وكذلك من مظاهر حب الرئاسة الحسرة إذا زالت أو أخذت منه، تأمل لو أن إنساناً كان في قريةٍ أو مدرسةٍ أو بلد، فالتف الناس حوله يعلمهم، ثم جاء من هو أعلم منه، فسكن البلد، ونزل فيها، فماذا يحصل؟ سيتركه الناس ويذهبون إلى الأعلم، فهذا السؤال الآن: هل يفرح الرجل أو يحزن.
؟ هل يفرح لأنه قد جاء من هو أعلم منه يحمل عنه المسئولية ويرفع عنه التبعة؟ ويفيد الناس أكثر.
؟ أو أنه يغتم ويخزن لأنه قد جاء من خطف منه الأضواء وبهت نجمه بقدوم غيره؟ هب أن شخصاً في مجلس فجاء من هو أعلم منه في المجلس، أو أقدر منه، فهل يفرح لمجيء من هو أعلم منه، ويفسح له المجال في الكلام، أو يغتم لحضور شخصٍ سيتصدر المجلس وتلتفت إليه الأنظار ويسعى إليه الناس الجالسون بأسئلتهم؟! لو أن شخصاً في منصب فنقل إلى دائرته أو القسم الذي هو فيه شخصٌ أقدر منه، وشهادته عالية ويرجح أنه يرشح للمنصب بدلاً منه، فكيف يكون عمله في هذه الحالة؟! هناك يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت، إن هذا خطر عظيم أيها الإخوة.