أنا أمٌ لفتاة مراهقة، ولكنها عنيدة كثيراً لا تريد أن تفعل ما تريد، وكلما رفضتُ لها طلباً تغضب وتثور وترد كثيراً، وتحب أن تتكلم مع زميلاتها بالتليفون كثيراً، وعندما أمنعها تقول: كل زميلاتي لديهنّ أمهات لا يمنعنهن وتتفوه بكلمات جارحة، ومرات أغضب عليها وأدعو عليها، ونسيت أن الله أمرها بالطاعة في غير معصية الله؟
الجواب
تربية البنات وما أدراك ما تربية البنات! تربية البنات صارت في عصرنا هذا أمراً شاقاً وعسيراً ومهمة قل من تصدى لها وأعطاها حقها، مهمة تربية البنات؛ لأننا نتساهل مع البنات منذُ البداية، فإذا لبست ملابس فاضحة، قلنا: هذه صغيرة، وإذا صارت تقرأ بعض المجلات وتشاهد بعض الأفلام، غضينا النظر وتساهلنا في جلوسها في بعض المجالس وعلاقتها بأبناء عمها وأقربائها من الذكور من غير المحارم أو من أبناء الجيران، أو في بعض المجتمعات المفتوحة، ونتساهل عندما تدعى إلى حفلة عيد ميلاد، حفلة مبتدعة، محرمة من التشبه بالكفار، أو تدعى إلى حفلة فيها منكرات، كغناء وموسيقى، ورقص فاضح، وبعد ذلك نقول: البنت لا تسمع الكلام والبنت صار لها اتجاهات سيئة، والبنت بدت عليها أمور مشينة، ونحن لم نعالج ذلك من البداية، فالإهمال في البداية هو الذي يقود إلى النتائج السيئة.
ثانياً: إن معاملة البنات تحتاج إلى شيءٍ من الحزم، ولكنها أيضاً تحتاج إلى شيءٍ من العاطفة، فلابد أن تكون العملية عاطفة ممزوجة بحزم، أما ترك المسألة للبنات تلبس البنت ما تشاء وتذهب إلى أين ما تشاء وتقول: هذه صاحبتي عزمتنا في الفندق، وعملت حفلة في مطعم في القسم العائلي، ونرسلها مع السائق وحدها ونحو ذلك من الأشياء، ونترك لها تقرأ سمر وسحر وتنظر في الأفلام، والأفلام هذه تأتي على النفس الفارغة فتملؤها.
بعض الآباء والأمهات عندهم بعض القواعد، أو بعض الخلفيات الجيدة، أو بعض الممانعات للفسق والفجور نتيجة ما تعرضوا له من الحوادث في حياتهم والخبرة التي اكتسبوها والتجربة عرفوا أن هذا شر وهذا خير، فالأبناء لا يعرفون ذلك، الخبرة نفسها غير موجودة عندهم، ثم إن الزمن يكثر فيه الشر والسوء، وما كان في زمن الآباء والأجداد من وسائل الفساد الآن قد اخترع وروج أضعافه، ولذلك المسألة تحتاج إلى إغلاق أبواب الشر عن البنت وفتح أبواب الخير لها، من الصحبة الطيبة المجالس الطيبة مراكز تحفيظ القرآن درس أسبوعي قصص طيبة وهادفة يقصها الأب تارةً وتسمع من شريطٍ تارة وتقرأ في كتابٍ تارة تعليم الآداب؛ لأن الجيل الجديد هذا متميز بقلة الأدب إلا من رحم الله، فتعليم الآداب في الكلام والنقاش والسلام واحترام الآخرين.
قضية الحياء: نحن نخدش حياة البنت بأشياء، ثم نقول: فقدت الحياء ولا تسمع كلامنا، الحياء يتعلم بالملابس بحشمة الملابس بحشمة الأماكن، الحياء يتعلم بتجنيب البنت التعرض للأفلام والمسلسلات التي تزيل الحياء وتهدمه، ثم إن جعل البنت تكلم من تريد متى شاءت وكيف شاءت تخرج متى شاءت، الحرية التي يتشدق بها بعض الآباء هي التي تفسد البنات.
ولسنا نقول: اكتموا أنفاسهن، لا.
عائشة تقول:[اقدروا قدر الجارية الحديثة السن الحريصة على اللهو] والشريعة سمحت بالألعاب رغم أنها مجسمات لذوات أرواح، سمحت بها لأجل مراعاة غريزة العناية بالأولاد والأمومة في نفس البنت من صغرها، غريزة الأمومة، ولذلك ترى البنت إذا أعطيت لعباً اعتنت بهن، تأخذها وربما غسلتها وأطعمتها وجعلتها في الفراش وعليها غطاء وسمتها اسما ًونحو ذلك، غريزة الأمومة في نفس البنت، فلهذا سمحت الشريعة بألعاب البنات، أيضاً النبي صلى الله عليه وسلم كان يسرب إلى عائشة صويحباتها يلعبن معها، لكن صويحبات خير، أيضاً الرسول صلى الله عليه وسلم كان يسمح لـ عائشة وصويحباتها بضرب الدف في الأعياد والإنشاد المباح.
إذاً: البنت لابد أن تعطى مجالاً أيضاً، في اللعب المباح، عائشة تقول:[فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن الحريصة على اللهو] اللهو المباح، وموضوع الكلام في تربية البنات يطول، ونحن نسأل الله تعالى أن يهدي بنت هذه الأخت وسائر بنات المسلمين.