عباد الله إذا تنافس الناس في الدينار والدرهم، فلنتنافس نحن في طلب العلم، فإن الإنسان إذا عنى بالعلم والعمل تشتاق إليه الجنة، وكذلك فإن هذه الهمة التي ينبغي أن تكون الرائد في الطلب، ينبغي أن تكون موفورة بتجديد النية بتحصيل العلم لله عز وجل.
ولذلك ينبغي أن يكون لنا دعاء بأن ييسر الله لنا العلم:{وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً}[طه:١١٤] وإذا استغلقت مسألة نلجأ إلى الله كما كان العلماء يلجئون، كان شيخ الإسلام يقول إنه كان يقرأ في الآية الواحدة أحياناً مائة تفسير، فلا يفهمها فيسأل الله الفهم، ويقول: يا معلم آدم وإبراهيم علمني، ويا مفهم سليمان فهمني، ويمرغ وجهه في التراب ويسأل الله عز وجل حتى يفتح الله عليه.
وكان أبو حنيفة رحمه الله إذا أشكلت عليه مسألة، قال: ما هذا إلا لذنب أحدثته، فيبدأ يستغفر الله، أو يقوم يصلي ويتضرع إلى ربه ويدعو مولاه، فيفتحها الله عليه.
ويقول: أرجو أن يكون قد تاب علي، أرجو أن يكون قد تاب علي.
بدلاً من صرف الأموال في التوافه لننفقها في شراء كتب العلم، وإن مسئولية الآباء في ذلك كبيرة وكبيرة للغاية، قال علي بن عاصم الواسطي: دفع إلي أبي مائة ألف درهم، وقال لي: اذهب وسافر لطلب العلم، ولا أرى وجهك إلا ومعك مائة ألف حديث.
فسافر وارتحل في طلب العلم، وكتب عن كثير من العلماء ورجع إلى أبيه وقد غدا عالماً اشتهر بين الناس.
هكذا يكون موقف الأب المسلم يوفر لولده سائر الوسائل المتاحة لتحصيل العلم من نفقة في كتب أو سفر أو تهيئة جو وتشجيع وتحفيز، انظر إلى عبارة ذلك الأب الصالح: هذه مائة ألف، ولا أرى وجهك إلا ومعك مائة ألف حديث.
فالله أكبر على ما كان من ذلك الأب بما دفع ولده إلى طلب العلم!