الآن -أيها الإخوة- نحن نتكلم عن الأخوة، والأخوة لها واجبات كثيرة، وتعداد الواجبات قد يكون أكثركم على اطلاعٍ بمعظمها، فتعداد الواجبات قد يأخذ منا وقتاً نحتاجه في عرض مشاكل أخرى، لكن عندما نتكلم عن الأخوة حلاوتها وواجباتها يجب -أيها الإخوة- أن نكون كما أمرنا الله عز وجل، إن الله ذم أناساً من المؤمنين بقوله:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ}[الصف:٢] يجب أن نرتفع من مستوى الكلام والنظريات؛ لأن الكلام حول الأخوة قد يكون سهلاً وجميلاً ومستساغاً، وعندما تقرأ تنبسط من الكلام الذي تقرؤه في بعض الكتب، والقصص التي تسمعها عن بعض السلف، وأحدهم ذهب فوجد أخاه في الله غير موجود، فسأل الجارية: أين ذهب؟ قالت: غير موجود.
قال: دلوني على مكان المال، فدلته الجارية، فأخذ ما يحتاج إليه وانصرف، فلما رجع الأخ المسلم وعرف ما فعل أخوه وأنه أخذ المال الذي يحتاجه ولم يشعر بأي حرج، قال للجارية: إن كنت صادقة فأنت حرة لوجه الله، ففتش المال فوجده قد أخذ منه فعلاً فعتقت الجارية.
هذا الكلام جميل جداً، لكن القضية هي الارتفاع من مستوى الكلام والنظريات إلى مستوى الواقع العملي والأفعال، هنا النقطة، ليست النقطة في وصف الأخوة والإسهاب في عرض المبادئ النظرية، بل المهم الآن هو التطبيق، لذلك عندما ذكرنا في عنوان المحاضرة: الأخوة في الله بين المفهوم الإسلامي -لأن بعض الناس يعرفون المفهوم الإسلامي- والواقع الحاضر أو التطبيق الحاضر الذي يحدث الآن، المفهوم قد يكون واضحاً لا إشكال فيه، لكن التطبيق كيف؟ كيف نطبق الآن؟ هنا لا بد أن نقف، لكن لا بأس أن نستعرض وإياكم بعض الأحاديث التي ذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم، والتي تبين بعض سمات وصفات الأخوة.