الناس يأتون نوحاً بعد آدم، فما هي مواصفات نوح؟ أول رسول بعثه الله إلى هذه الأرض، فيأتون نوحاً أبو البشرية الثاني فلا يوجد واحد بعد نوح إلا ونسبه ينتهي إلى نوح لماذا؟ لأن الله لما أهلك قوم نوح وهم البشرية في ذلك الوقت، هلكوا كلهم والطوفان عم الأرض كلها، نوح والذين آمنوا معه أنجاهم الله من الطوفان، الذين آمنوا معه ما كان لهم ذرية؛ لأن الله قال عن نوح:{وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمْ الْبَاقِينَ}[الصافات:٧٧]، فإذاً نوح أبونا بعد أبينا الأول آدم، يعني: كل واحد من البشرية الذين جاءوا بعد نوح لابد أن يكون نسبه يرجع إلى نوح، ولذلك إذا نسبنا إبراهيم عليه السلام أو محمد عليه السلام فلابد أن نمر بنوح إلى آدم، أول رسول بعثه الله إلى هذه الأرض.
(ائتوا عبداً شاكراً) الله سماه شاكراً فيأتون نوحاً، فيقولون: يا نوح! أنت أول الرسل إلى أهل الأرض وقد سماك الله عبداً شكوراً، يا نوح! اشفع لنا عند ربك، فإن الله اصطفاك واستجاب لك في دعائك، ولم يدع على الأرض من الكافرين دياراً، فهذا الذي يقوله أهل الموقف لنوح.
الآن نوح هل هو رسول أم نبي؟ الجواب أنه رسول، بعثه إلى أهل الأرض بعدما وقع فيهم الشرك، آدم كان نبياً، ونوح كان رسولاً إلى قوم وقع فيهم الشرك، لما يذهبوا إلى نوح يقولون هذا الكلام فيقول: لست هناكم، ويذكر خطيئته التي أصاب، فيستحيي من ربه منها، ماذا يذكر نوح؟! يذكر سؤال ربه ما ليس له به علم لما قال بعدما غرق ولده، قال:{فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ}[هود:٤٥]، كأنه يقول: أنت وعدتني أن تنجي أهلي وابني من أهلي فلماذا لم ينجُ؟ وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين، قال:{قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلا تَسْأَلْنِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}[هود:٤٦]، فيذكر هذا الموقف يقول: هذا أنا سألت الله ما ليس لي به علم وفي رواية: (إني دعوت بدعوة أغرقت أهل الأرض) فكأنه يقول: أنا أخطأت بسؤال الله ما ليس لي به علم، وثانياً: الدعوة الآن التي دعوت بها واستجيبت أخشى الآن أن ليس لي دعوة تستجاب لأن الدعوة التي تستجاب استنفذت لما دعوت على أهل الأرض أن يغرقهم الله وأغرقهم، فأخشى الآن أن أدعو فلا أجاب، ما هي الخطوة التي تليها؟