وفي هذا الحديث فوائد منها: مواساة الجيش بعضهم بعضاً عند وقوع المجاعة، وأن الاجتماع على الطعام يسبب البركة فيه.
ويستفاد منه: أن القائد يرفق بجنوده؛ فلعل الذي ذبح كان يستدين على ذمته وليس له مال، فأراد الرفق به، وقد وضع البخاري -رحمه الله- هذا الحديث في كتاب الشركة من صحيحه؛ لأن أبا عبيدة جمع ما عندهم من التمر فصار يوزع على الجميع من مال الجميع، فصاروا كأنهم شركاء؛ فإن عدد أفراد السرية هذه ثلاثمائة، وأميرهم أبو عبيدة بن الجراح رضي الله تعالى عنه، هذا العدد الذي كانت هذه السرية متكونة منه.
والحديث يدل على ما كان عليه الصحابة رضوان الله تعالى عليهم من الزهد في الدنيا والتقلل منها، والصبر على الجوع وخشونة العيش، وعدم ترك الجهاد في حال الشدة، حتى مع الشدة ما تركوا الجهاد في سبيل الله.
ويؤخذ منه: أن أبا عبيدة لما أمرهم فأقاموا هذا الضلع من أضلاع الحوت، ومر تحته الركب، ولم يصطدم رأس الرجل بالعظم هذا، لم يعتبر العلماء هذا من العبث، قالوا: إن مثل هذه الحركة لا تعتبر من العبث وإضاعة الوقت؛ لأنه ترويح مباح، فهو ينظر كم قدر هذا الحوت، وكم عظم هذا الحوت، فإن هذا الفعل من أبي عبيدة رضي الله عنه من المباح، فلا يعتبر من العبث ولا من إضاعة الوقت.
وفي هذا الحديث: أن المفتي يطيب خاطر المستفتي بالفعل وليس بالقول فقط، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم:(كلوا رزقاً أخرجه الله لكم وأطعمونا إن كان معكم).