وكذلك تبرز من هذه القصة حكمة القيادة الصالحة المؤمنة التي تخبر النفوس، ولا تغتر بالحماسة الظاهرة، فإن طالوت لم يغتر بهذه الكمية من الناس التي خرجت معه وبهذا العدد، وإنما ابتلاهم وخبرهم، والتجربة الأولى لما كتب عليهم القتال تولوا، هم قالوا: نريد أن نقاتل؛ فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلاً منهم، فأخذ طالوت القليل وسار بهم، وابتلاهم واختبرهم في قصة النهر، فتولوا إلا قليلاً، ساروا للقاء الأعداء، لما رأوا كثرة الأعداء وقلتهم قالوا: لا طاقة لنا اليوم بـ جالوت وجنوده، البقية هم الذين كتب الله النصر على أيديهم.
إذاً: التمحيص يمر بفترات لأن الإنسان قد ينجو في اختبار ويتعداه، لكن يسقط في الاختبار الثاني أو الثالث، لكن في النهاية الذين تبقوا بعد التمحيص هم الذين ينتصرون مهما كانوا قلة.