للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[إذا أراد الله الهداية للعبد يسر له الأسباب الشرعية]

ثم قال: (فبعث إليه غلاماً يعلمه، وكان في طريقه إذا سلك راهب) هذا الغلام لما ذهب الآن يتعلم يخرج من بيته إلى الساحر ليتعلم، كان في طريقه راهب، والرهبان كما ذكرنا هم النصارى الذين كانوا على دين عيسى الصحيح، ثم تحرف بعد ذلك، هذا الراهب كان موحداً كما هو واضح من سياق الحديث، يعني: يوحد الله، لا يقول: عيسى ولد الله، ولا يقول: عيسى ثالث ثلاثة، كان على التوحيد، يعني: على دين عيسى الأصلي الذي بدون تحريف، والراهب: كلمة تقال على الإنسان المنقطع عن الدنيا وملذات الدنيا ومتفرغ للعبادة، والرهبانية كانت شيئاً مشروعاً في دين النصارى، لكن في الإسلام لا يوجد شيء اسمه انقطاع عن الدنيا في العبادة وما تتصل بالدنيا، لا، الإسلام طريق الآخرة والدنيا مع بعض، إذا احتسبت نومتك لله عز وجل، أجرت على النوم، مع أنه شيء دنيوي، إذا نويت في أكلك التقوي على طاعة الله، صار هذا الأكل فيه أجر، وليس الأجر فقط في الصلاة والدعاء والزكاة والصيام، يصير الأجر حتى في الأكل والشرب والنكاح، إذا نوى الإنسان أن يعف نفسه، قال معمر: أحسب أن أصحاب الصوامع كانوا يومئذٍ مسلمين، لأن هذا الراهب كان في صومعة وهو: بناء يعتكف فيه، انظر الآن يا أخي المسلم كيف ييسر الله عز وجل الأسباب لكي يهتدي هذا الغلام، أقدار الله تجري بطرق عجيبة، لا يمكن أن يتوقعها البشر، كيف بدأت القصة؟ بدأ معرفة التوحيد من أين؟ الآن القصة انتهت أن الناس كلهم آمنوا، ولكن كيف كانت البداية، كيف جرى قدر الله حتى تحصل هذه النهاية؟ أنه كان يوجد راهب في الطريق، يعني: لو كان الساحر في مكان ثانٍ، فلو أن الغلام ذهب من طريق آخر، ربما كان ما مر على هذا الراهب، وما عرف أصلاً أن هناك توحيداً وما عرف الله، فانظر كيف جرى قدر الله، يسر الله الأسباب أن جعل مكان الراهب في الطريق حتى يمر عليه الغلام ويتربى منه على هذا التوحيد.