للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قصة والد اهتدى على يد طفله]

من حق الولد أن يجد أباً مربياً ناصحاً معلماً موجهاً قدوة في الخير وفي الصلاة وفي البر.

يا أخي! هذه قصة سمعتها من ولد صغير -في الأولى أو ثانية ابتدائي- أبوه لا يعرف القبلة في البيت، ولذلك الابن هذا ما رأى أباه يصلي أبداً، لما ذهب الابن إلى المدرسة رزقه الله بمدرس في الفصل، إنسان متدين يخاف الله، ويعرف أمانة الطالب الذي بين يديه، فدعاهم إلى صلاة الجماعة، حببها إليهم، وفضل صلاة الفجر، والمشي في الظلمة إلى المسجد، الولد صار عنده إقبال وانجذاب إلى الصلاة، فلما رجع للبيت، ضبط الساعة المنبه على صلاة الفجر كما علمه المدرس، فلما قام وتوضأ وذهب وفتح باب الشارع وجد في الطريق ظلاماً فخاف، ورجع، يفتح الباب ويغلقه متردد يفتح الباب ويغلقه -وهذا طبيعي في الولد يهاب الظلمة- حتى سمع شيئاً يطرق على الرصيف، إنه عكاز جد صاحبه أحمد في الحارة يمشي يذكر الله، فمر من أمام باب البيت، فتشجع الغلام وخرج مع هذا الشايب ورافقه كظله إلى المسجد وصلى ثم انتظر الشايب حتى يرجع فرجع معه، ثم توالت الأيام على هذا الحال.

في يوم من الأيام أبو الولد دخل البيت ووجد الولد يصرخ ويبكي بكاءً حاراً قال: ما لك يا ولد؟ فسكت، ما لك يا ولد؟ يلح عليه، في النهاية الابن تكلم، قال: جد جارنا أحمد مات، قال: وماذا يعني أن جد جارك مات؟ من يكون جد جارك؟ لماذا تبكي عليه؟! الولد سكت، قال أبوه: أهو أبوك؟! قال: يا ليت الذي مات أنت وليس هو -تجرأ الولد- الأب انصدم من هذه الكلمة، قال: يا ولدي! ماذا تقول؟ قال: هذا العجوز كنت أذهب معه إلى المسجد، هذا كان نعم الرفيق لي في الظلمة، أنت ما رأيتك في البيت تركع لله ركعة.

فكانت كلمة هذا الصغير سبباً في هداية أبيه لطريق الحق والمحافظة على الصلاة.

من حق الولد أن يجد في البيت أباً يعقل، وليس أباً ذاهب العقل بالمسكرات والمخدرات، والأم المسكينة تداري الموضوع، والولد يقول: ماذا يشرب أبي؟ ولماذا يشرب كثيراً؟ وما هذا؟ وتقول له: ماء، ويقول: والدي يحب الماء؟! والأسئلة تتوالى، يدخل وهو سكران، يسب ويلعن ويشتم الزوجة والأولاد، كم مرة طلق الأم المسكينة وهي لا تدري تعيش معه بالحلال أم بالحرام؟ وهذا الآخر السكران الذي يخرج أغلب الأوقات ما يغيب عن عقله أكثر مما يفيق، الأولاد محرومون من رؤيته، هو ينزوي في الغرفة يشرب، الأولاد يضيعون، عندنا في الحي أولاد لأب من هذا النوع يمشون يطوفون على البيوت يسألون الناس، بنت عمرها اثنا عشرة سنة بشكلها تطرق الباب تسأل الناس يمدون أيديهم للناس؛ لأن أباهم يشرب الخمر، المال كله ذهب في المسكرات والسفريات القريبة والبعيدة، سألت الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله قلت: يا شيخ! الآن المجاهرة بالمعصية إثمها عظيم، الذي يسر غير المجاهر، قلت له: الأب إذا جاهر داخل البيت، إذا عمل المنكر أمام أولاده عمل أي منكر أمام أولاده، هل يعتبر مجاهراً أم لأنه داخل البيت يعتبر مسراً، قال الشيخ: أعوذ بالله! أعوذ بالله! هذه أعظم من المجاهرة، هذه مجاهرة وإساءة تربية، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (كل أمتي معافى إلا المجاهرين).