والاستيصاء بالتائبين خيراً: يكون من ضمنه إزالة العوائق النفسية التي تكون عند بعض التائبين، وتقديم الحلول العملية لهم، وشرح شروط التوبة لهؤلاء، فإن كثيراً من الناس يريدون التوبة ولا يعرفون شروطها، فلابد أن تشرح لهؤلاء، تقول لهم: لابد من الإقلاع عن الذنب فوراً، والندم على ما فات، والعزم على عدم العودة إليه، وإرجاع حقوق العباد الذين ظلمتهم، أو طلب البراءة منهم ومسامحتهم، وأن يكون ترك الذنب لله لا لشيء آخر، فتقول لهذا الشخص: انتبه! ينبغي أن تكون توبتك صادقة.
فمثلاً لا تقبل توبة من ترك ذنباً لحفظ صحته، كمن ترك الزنا أو الفاحشة؛ لما فيها من الأمراض الفتاكة، أو ترك السرقة خوفاً من الشرطي، أو ترك أخذ الرشوة لأنه خشي أن يكون معطيها من هيئة مكافحة الرشوة مثلاً، أو شخص ترك الكذب لأن لسانه أصيب بالشلل، أو سارق ترك السرقة؛ لأنه فقد أطرافه في حادث، هؤلاء ينبغي أن تكون توبتهم لله لا لأشياء أخرى، أو واحد ترك المخدرات؛ لأنه خاف على وظيفته؛ أو خشي أن يطرد من عمله.
إن التوبة ينبغي أن تكون لله عز وجل لا لشيء آخر، وأن يستقبح العبد الذنب ويشعر بالضرر.
وينبغي أن نبين أضرار الذنوب: كحرمان العلم، ووحشة القلب، وتعسير الأمور، ووهن البدن، وحرمان الطاعة، ومحق البركة، وقلة التوفيق، وضيق الصدر، وتوالد السيئات، واعتياد الذنوب، وهوان المذنب على الله، وعلى الناس، ولعنة البهائم له، ولباس الذل، والطبع على قلبه، والدخول تحت لعنة الله ورسوله، ومنع إجابة الدعاء، والفساد في البر والبحر، وانعدام الغيرة، وذهاب الحياء، وزوال النعم ونزول النقم، والرعب في قلب العاصي، والوقوع في أسر الشيطان، وسوء الخاتمة، وعذاب الآخرة.
لابد أن نبين لهم عاقبة وأضرار الذنوب، كذلك لابد أن نقول لهم: انتبهوا! إنكم قد تتركون معاصي وتصرون على معاصٍ أخرى، قد تنتقل من معصية إلى معصية لأن طبعك متعلق فيها، أو لأن أسبابها حاضرة، أو لأن الشهوة فيها أقوى، أو أن القرناء لا يخالطونك إلا بها.
وكذلك فإنه لابد أن نذكر أنفسنا جميعاً أن التائب لا ينبغي أن يشعر أن الله غفر له وانتهينا، وأنه الآن صارت صفحته بيضاء تماماً، بل ينبغي ألا يزال يشعر ويخاف من تلك الذنوب، ويشعر أنها جبل يريد أن يقع عليه، هو يرجو رحمة الله ولا ييئس، لكن لا يقول: أنا متأكد أن الله غفر ذنوبي، وإني داخل الجنة.
وكذلك لابد أن نرشده إلى ما أرشده ذلك الرجل الصالح لقاتل المائة حيث قال: اذهب إلى بلدة كذا وكذا فإن فيها أناساً صالحين يعبدون الله فاعبد الله معهم، لابد أن ترشد التائب، تقول: أول شيء أصحاب السوء لابد أن تتركهم، كيف تخالط فلاناً وفلاناً وتعاشرهم وتريد الاستمرار على التوبة!!.
ثانياً: وسائل المعصية لابد من إتلافها فوراً، لو كان عندك صور سيئة في البيت، أو مجلات سيئة وأفلام محرمة، وأشياء محرمة تتعاطى، وأدوات لهو، ومزامير ومعازف، وأشرطة فساد لابد أن تتخلص منها فوراً، هذا شيء لابد أن يرسخ في نفوس التائبين.