فإذا قلت: هل هناك شروط لأخذ الأب من مال ولده؟ قال ابن قدامة: فصلٌ: ولأبٍ أن يأخذ من مال ولده ما يشاء ويتملكه مع حاجة الأب إلى ما يأخذه ومع عدمها، وهذا رأي الحنابلة، صغيراً كان الوجه أم كبيراً بشرطين: أحدهما: ألا يجحف بالابن ولا يضر به، ولا يأخذ شيئاً تعلقت به حاجته.
الثاني: ألا يأخذ من مال ولده فيعطيه الآخر، نص عليه أحمد.
فإذاً: ما هي الشروط؟ أولاً: أن يكون فاضلاً عن حاجة الولد، فلا يجوز للأب أن يقول للولد: اخرج من بيتك واجلس في الشارع، هات سيارتك واذهب على رجليك مسافة ساعتين حتى تصل إلى مكان العمل، أو هات ملابسك ويتركك عارياً.
فالابن يحتاج لأولاده وزوجته مبلغاً معيناً، وما فضل عن حاجة الولد وحاجة زوجته وأولاده فللأب أن يأخذ منه.
لا ضرر ولا ضرار.
وكذلك من الشروط: ألا يأخذ من ولد ويعطي للولد الآخر.
فالأب واجب عليه أن يعدل في العطية لأولاده من ماله هو، فمن باب أولى ألا يأخذ من ولد ويعطي للثاني، فهذا يوغر صدور الأولاد على بعض.
وكذلك ألا يكون في مرض موت أحدهما.
وكذلك ألا يكون الأب كافراً والابن مسلماً؛ لأنه إذا كان الأب كافراً فلا يمكَّن في مال الولد، فالإسلام يعلو ولا يعلى كما قال العلماء.
وكذلك أن يتملك عيناً موجودة، فلا يتملك دين ابنه، فالابن إذا أقرض شخصاً لا يجوز للأب أن يقول: أنا تملكت الدين الذي لك عند فلان.
إذاً: ينبغي أن يكون عيناً موجودةً.
فإذاً: بعض العلماء قالوا: الأب يأخذ على حسب الضرورة والحاجة، وبعضهم قال: حتى بغير حاجة، لكن من الشروط أن يكون فاضلاً عن نفقة الولد وما تقدم من الشروط أيضاً.