وكذلك فإن قوله عز وجل:{فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ}[البقرة:٢٤٦] يظهر فراسة النبي الذي قال لهم: {هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا}[البقرة:٢٤٦] لأنه لما كتب عليهم القتال قال الله: {تَوَلَّوْا}[البقرة:٢٤٦] فكانت فراسة نبيهم فيهم صحيحة، فالفراسة من طبيعة المؤمنين وشيء يجعله الله تعالى في نفوسهم فيستشفون بها شيئاً مما يمكن أن يحدث في المستقبل ويتوقعونه، وهي ليست علماً غيبياً، فعلم الغيب لله، فأنت إن تقدم على الشيء وأنت تتوقعه أهون من أن تفاجأ به، ولذلك هذا النبي بالتأكيد ما فوجئ عندما تولى بنو إسرائيل عن القتال؛ لأنه توقعه من أول الأمر وأعرب لهم عن ذلك، فقال:{هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا}[البقرة:٢٤٦]؟ وفعلاً ما توقعه حصل، فإنهم عندما كتب عليهم القتال تولوا.