للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الفتور في العبادة وعلاجه]

السؤال

إنني أحب كل ما يقربني إلى الله من عبادات وقراءة القرآن وأداء الصدقة والزكاة والصوم وغير ذلك؛ لكن أتكاسل عن صلاة الفجر أحياناً، والقرآن أهجره طويلاً، كل ذلك يحدُث وقلبي يؤنبني ويتقطع حسرات، وتسمَعُني إذا تُلِيَت بعضُ الآيات أُخْرِجُ زفرات من أعماق قلبي، قليل الحفظ سريع النسيان، فأرشدني وأنقذني بحل سريع

الجواب

معرفة المرض -أيها الإخوة- نصف العلاج، وكثير من قساة القلوب لا يعرفون أنهم قساة القلوب ولا يسلِّمون ولا يقولون: نحن نحتاج إلى تربية إيمانية، ونحتاج إلى اهتمام بالعبادات، وإنما يظنون أنهم في حالة صحية جيدة، ولذلك فهم لا يتورعون عن أكل الحرام، أو الوقوع في الشبهات، أو النظر إلى امرأة أجنبية، ونحو ذلك.

فنقول: إن الله سبحانه وتعالى قد فتح مسألة التربية الإيمانية متركبة من عدة أشياء: أولاً: هناك تنوع في العبادات، هناك صلوات، هناك صيام، هناك صدقة، هناك حج وعمرة، واعتكاف، هناك سجدة الشكر، وغيرها، وحتى الصلوات متنوعة هناك سنن رواتب، وهناك قيام الليل، وهناك صلاة التوبة، وهناك صلاة الضحى.

فإذاً: العبادة نفسها متنوعة، فنوِّع في العبادات حتى لا تمل نفسك من عبادة معينة.

ثانياً: حذارِ مِن تحوُّل العبادات إلى عادات بعض الشباب لا يعرفون معنى التشهد بالتحيات، تجده يقرأ: (التحيات لله) في الصلاة ولا يعرف معناها من كثرة ما يرددها، تحولت التحيات إلى عادة، ولم تعد عبادة لها معنى يسْتَشْعر، تأمل عندما تقول: (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين)، يقول عليه الصلاة والسلام في الذي يقولها: (أصاب كل عبد صالح بين السماء والأرض) تصور لو أنك كلما تقول التحيات في ذهنك أنت مستحضِر في قلبك، أنك إذا قلت: (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) أنك تصيب بدعوتك هذه كل عبد صالح بين السماء والأرض، من الملائكة وغيرهم، كل عبد صالح بين السماء والأرض تصيبه دعوتك.

فإذاً: لا بد من تنويع العبادات، ولا بد من الإخلاص في العبادات، ولا بد من تحاشي تحوُّل العبادات إلى عادات، حتى تشعر بلذةٍ وطعمٍ لهذه العبادة، ثم ينبغي مع ذلك أن تداوم على العبادة، كما أخبر عليه الصلاة والسلام: (خير الأعمال أدْوَمُها وإن قل) (أحب الأعمال إلى الله أدْوَمُها وإن قل) فعليك بالقليل الدائم أفضل من الكثير المفاجئ المنقطع، الذي تصعد به فجأة، ثم تهوي وتتركه نهائياً بعد حين.

نحن لا نود أن نستمر أكثر من هذا؛ حيث أن الوقت قد تأخر.

فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يفقهنا وإياكم في دينه، وأن يرزقنا وإياكم اتباع سنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.