للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فضل الدعاء]

وبهذا يتبين لنا -أيها الإخوة- عظمة الدعاء الذي علمنا إياه عليه الصلاة والسلام، دعاء نردده صباحاً ومساء: (اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي -انظر العفو والعافية في ديني ودنياي- وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي الحديث) يدعو به صلى الله عليه وسلم عليه وسلم صباحاً ومساءً، لعل هذا الدعاء إذا خرج من قلب حي متصل بالله عز وجل، أن يُحفظ الأهل والبنات والأولاد بسبب دعاء أبيهم الصالح أو أخيهم الصالح.

حتى في السفر ماذا كان صلى الله عليه وسلم يقول؟ (اللهم هون علينا سفرنا هذا واطو عنا بعده، اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل) كأن الواحد يقول: اللهم اخلفني في أهلي بخير، إني استودعتك أهلي فاحفظهم، والله إذا استودع شيئاً حفظه كما قال عليه الصلاة والسلام: (اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنظر، وسوء المنقلب في المال والأهل).

ولذلك الإسلام ينمي في المسلم الغيرة والدفاع عن أهله وعرضه، ويعتبر الإسلام أن من قتل دون أهله فهو شهيد: (من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شيهد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد) حديث صحيح.

وينبغي كذلك ألا يكون الأهل حائلاً بين الإنسان وبين طاعة الله، وألا يشغلوه عن طاعة ربه: {إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ} [التغابن:١٤] ما هي حجة المنافقين لما تخلفوا عن الجهاد؟ {شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا} [الفتح:١١] هناك أناس عندهم إفراط، وأناس عندهم تفريط، ويحتاج الأمر في كثير من الأحيان إلى وقفات صارمة، أحياناً الزوجة يكون زوجها لا يصلي، فهي تنصحه وتقيم عليه الحجة وتذكره بالله فلا يصلي.

ماذا تفعل؟ لا يجوز لها أن تبقى معه لحظة واحدة أبداً، لأنه مرتد عن الدين، لا يجوز أن يعاشرها، ولذلك عليها أن تفارقه، فهذا رجل من أهل السوء، من أسوأ من خلق الله، مرتد عن الدين، ويهاجم الدين ويهزأ بالدين لا يصلي ولا يفعل أي فرض من الفرائض، تقول له زوجته: اتق الله، صلِّ، رفض، قالت له: أفارقك ولا أقعد معك لحظة واحدة، فقال لها المجرم: وقعي إقراراً بأنك لا علاقة لك بالأولاد وأنك قد تخليت عنهم، وليس لك شأن بهم، وقعت الورقة وقالت: خذ.

ولما رأى إصرارها ورأى موقفها انقلب وصار يصلي: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً} [الطلاق:٢] وحتى لو لم يكن لديها مكان تخرج إليه، بل لم تستطع أن تخرج إلى مكان آخر، فإن الحكم الشرعي أن تتحجب منه، ولا تمكنه من نفسها أبداًً، وتعيش في نفس البيت مكرهة، لكن هو أجنبي عنها، لا تخالطه ولا تعاشره ولا تمكنه من نفسها، ولو ضربها وأكرهها فإن الإثم عليه هو.