للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[حكم المسابقات]

السؤال

ما حكم المسابقات؟

الجواب

المسابقات أنواع: فنوع يجوز بجعل وبغير جعل، ونوع يجوز بلا جعل، ونوع لا يجوز لا بجعل ولا بغير جعل، والجعل هو المقابل، أو الجائزة التي يسمونها للمسابقات.

فأما المسابقات الجائزة بالجعل فهي على قول جمهور أهل العلم: الموجودة في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (لا سبق إلا في نصل أو خفٍ أو حافر) النصل: هي السهام، والخف: هي الإبل، والحافر: هي الخيل، فسباق الخيل والإبل والرماية يجوز فيها الجعل؛ لأنها تعين على الجهاد، مع أن الأصل أن العملية فيها ميسر وفيها مقامرة، عملية الجائزة على المسابقة فيها مقامرة، فإن الذي يسبق يأخذ الجائزة، ففيها شيء من المقامرة أباحته الشريعة في حالة المسابقات التي تعين على الاستعداد والتدريب للجهاد، وهي إجراء الخيل والإبل ورمي السهام.

وألحق بعض العلماء مثل شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم بهذا مسابقات حفظ القرآن والسنة، لأن المقصود بها مثل المقصود بحديث: (لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر) الذي هو نشر الدين، قالوا: لماذا أبيحت الجوائز في مسابقات العدو بالخيل والإبل والسهام وهي نوع من المقامرة؟ أبيحت لأجل الجهاد، ولنشر الدين، إذاً: المسابقات التي فيها حفظ القرآن والسنة، وتشجيع الناس على حفظ القرآن والسنة، هذه أيضاً فيها تحصل قضية نشر الدين، إذا: ً يجوز فيها المسابقات، أما الجمهور فلم يُجِزْ إلا الثلاثة الأولى، ويقاس عليها: الرمي بالطائرة، والرمي بالمدفعية، والرمي بالبندقية، فإن المقصود هو الرمي كله.

وكذلك المسابقات بالآلات الحربية وبالدبابات وبالعربات المصفحة؛ لأن هذه تقوم مقام الخيل والإبل، فكل شيء يعين على الجهاد يجوز جعل المسابقات فيه؛ لأجل أن تبقى الأمة مستيقظة متيقظة.

النوع الثاني من المسابقات: ما يجوز بدون جعل ولا يجوز بجعل، كمسابقة العَدْو على الأقدام مثلاً، سباق الجري إذا لم يكن فيه كشف عورات، ولا إضاعة صلوات، ولا إلى آخره فيجوز أن تجعل مسابقة في الجري مثلاً، أو في السباحة، لكن لا يجوز أن تجعل فيها جوائز؛ لأنها ليست داخلة في حديث: (لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر) وهذا أسلوب حصر (لا سبق إلا) إذاً: الذي يجوز بدون جعل هو المسابقات المباحة، كالعدو على الأقدام، والدليل: أن النبي عليه الصلاة والسلام سابق عائشة فسبقته، ثم سابقها بعد ذلك فسبقها.

هناك مسابقات تتردد بينهما، مثلاً: الغطس، قال الشافعية: هذا يفيد في الجهاد؛ لأنه في المعارك الحربية ونحوه، فأجازوا إدراجه في القسم الأول، وقال بعضهم: لا يدرج، فإن القسم الأول لتلك الأشياء فقط.

النوع الثالث: مسابقات لا تجوز لا بجعل ولا بدون جعل، كنطاح الأكباش، ومصارعة الثيران، ومناقرة الديوك وتهييجها؛ لأن فيها إيذاء للحيوانات والبهائم والدواب، وهذا من رفق الشريعة بالحيوان، وهؤلاء الذين يصارعون بين الثيران- وهم يزعمون أن عندهم رفقاً بالحيوان- أولئك هم الثيران حقيقةً.

أيضاً الملاكمة لعبة محرمة في الشريعة الإسلامية؛ لأن فيها ضرباً على الوجه، والضرب على الوجه حرام لا يجوز، ولذلك الآن كلما صارت حوادث موت والنزيف الدماغي، ووفاة بعض اللاعبين، قالوا: نريد أن نعيد النظر في قوانين الملاكمة وشرعية الملاكمة ونحو ذلك على مستوى القانون الدولي لهذه الرياضة.

على كل حال في شرعنا يحرم ممارسة مباراة الملاكمة؛ لأجل أن فيها ضرباً على الوجه والرأس، وهذه مقاتل، وحرام ولا يجوز الضرب فيها فهذه مسابقة أخرى لا تجوز لا بجعل ولا بغير جعل.

هنا مسألة، وهي: إذا عملوا مسابقة فيها أسئلة ليس لها علاقة بالشريعة ولا بنشر الشريعة ولا بنشر الدين ولا بشيء فما حكمها؟ لا يجوز أن يعطى فيها جوائز على قول جمهور أهل العلم، لحديث: (لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر) وإذا أضافوا إلى ذلك أنك لا تشترك في المسابقة إلا إذا دفعت مالاً أو اشتريت شيئاً؛ فتتأكد عملية المقامرة تأكداً شديداً، لأنك لا تدخل فيها لإحراز الجائزة إلا إذا دفعت مالاً تخسره يقيناً إذا لم تفز بشيء وقد تكسب، وهذه فكرة الميسر.