لقد ترك الشيخ -رحمه الله- علماً واسعاً، وبلغت أشرطته في التسجيلات قرابة ثلاثة آلاف ومائة وثلاثة وثمانين شريطاً، وهناك فتاوى مكتوبة عند الناس، وأشرطة أخرى عند طلابه القدامى، وأشرطة مسجلة في قاعات وفصول الدراسة في الكلية، ومجلداتٍ كثيرة في الشروح، وسنأتي على ذكر شيء من منهجه وبعض فتاويه ومسائله.
لقد ذهب الشيخ -رحمه الله- إلى ربه، وبقيت هذه التركة العظيمة من العلوم التي خلفها، وكتب الله لفتاويه القبول، ولعلمه الانتشار، في مشارق الأرض ومغاربها، وإذا كان قد قيل سابقاً: عالم المدينة ملأ المدينة علماً، فإن عالم عنيزة في هذا الوقت مات وقد ملأ الدنيا علماً، وذهب بعض الدعاة وأهل العلم إلى الخارج في بلدان بعيدة، فشاهدوا عدداً من المسلمين يعكفون على كتبه ورسائله وفتاويه، وقد كتب بعض الأفاضل في منهج الشيخ رحمه الله، وهذه من القضايا المهمة.
لقد اعتنى الشيخ -رحمه الله- في البداية بشرح كتب المذهب الحنبلي؛ كـ زاد المستقنع، والكافي، وقواعد ابن رجب، وغير ذلك، وكان يوصي بـ زاد المستقنع، لكنه في الوقت نفسه يعظم الدليل، ويحرم متابعة المذهب فيما خالف الدليل، ويشدد كثيراً على وجوب اتباع الدليل، وهذه كتبه ومحاضراته ودروسه فتاويه مشحونة بتقرير ذلك، عندما يقول: العبادات لا تتم إلا بالإخلاص لله تعالى والمتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم، والمتابعة لا تتحقق إلا إذا كانت موافقة للشرع في ستة أمور: السبب، والجنس، والقدر، والكيفية، والزمان، والمكان، فلا تقبل العبادة إلا إذا كانت صفتها موافقة لما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم عليه وسلم، ولهذا فقد خالف الشيخ المذهب في مئات المسائل التي يرى أن الدليل فيها بخلاف المذهب، كمسألة الطلاق بالثلاث، ومسألة مدة القصر في الصلاة في السفر، ومسألة نقض غسل الميت للوضوء، وغير ذلك.
وكذلك فقد عني بكتب الحديث؛ فشرح صحيح البخاري، وصحيح مسلم، وكتب الأحكام المبنية على الأحاديث؛ كـ بلوغ المرام، وعمدة الأحكام.