والاستقامة أيها الإخوة: تكون كذلك في جانب السلوك، فلابد أن يكون سلوك الإنسان مستقيماً، ولابد أن تكون أخلاقه مستقيمة، فلا يتلبس بشيء من سفاسف الأمور أو الأخلاق السيئة، ولذلك يعتقد بعض الناس أن الاستقامة فقط في قضايا الأخلاق، فترى أحدهم يُسأل عن فلان: ما رأيك في فلان؟ فيقول: هو والله مستقيم، تسأله: كيف هو مستقيم؟ يقول: لا يكذب، ولا يشتم، ولا يسب، وإنسان لطيف، ومعاملته طيبة، وهو مستقيم لا يستعمل الرشوة، لا يخون في معاملته، إنسان مستقيم.
لكن قد يكون هذا الرجل الموصوف بهذه الصفات لا يصلي، وقد يكون خرج إلى الفسق بقضايا كثيرة، ومخالفات عديدة، يرتكبها في حق نفسه.
فالناس اليوم يعبرون عن الاستقامة، ويقولون: إنسان مستقيم لمجرد الأخلاق الطيبة، والأخلاق الطيبة في حد ذاتها لا تكفي، ولذلك من المضحك جداً أن يأتي أناس قد تقدم لهم شابٌ ليتزوج ابنتهم، فيسألون واحداً ويقولون له: ما رأيك في فلان؟ فيقول: فلان لا يصلي.
فيقولون: لا بأس، لكن كيف أخلاقه؟ هذه -أيها الإخوة- من الأشياء الحاصلة اليوم، لا يسألون عن التزامه بالدين وأحكام الدين، وإن ضيع حق الله فالأمر غير مهم، لكن كيف المعاملة مع العباد؟ كيف سيعامل ابنتنا في المستقبل؟ فإن كانت معاملته طيبة وافقنا وهذا الفهم للاستقامة فهم قاصر جداً؛ لأنهم اقتصروا على الاستقامة في جانب واحد من الجوانب.