كذلك من الأدب مع العلماء: ألا يطلب الصيت وحسن الذكر باتباع أهل المنازل من العلماء، يعني عالم في منصب معين أو مشهور ولكن هناك غيره ليس له صيت أو ليس له تلك الشهرة، لا تذهب للعالم الفلاني فتقول: والله سألت الشيخ كذا، أو صاحب المنصب الفلاني حتى تشتهر بمنصبه إذا كان هناك غيره أعلم منه، وإنما تذهب للأعلم حتى لو كان أخفى أو متوارياً عن الأنظار، أو غير معروف بين الناس، القضية قضية الأخذ من الأعلم وليست قضية البحث عن الشهرة.
إذا قرب منك العلم فلا تطلب ما بعد، وإذا سهل من وجه فلا تطلب ما صعب، وإذا حمدت من خبرته فلا تطلب من لم تختبره، فإن العدول عن القريب إلى البعيد عناء، وترك الأسهل بالأصعب بلاء، والانتقال من المفضول إلى غيره - الذي خبرته - سقط.
لا تلح على العالم إذا فتر، أحياناً العالم يفتر مثلاً أو يفتي ويفتي ثم يتعب لا تأتٍ أنت في وقت التعب وفي وقت الراحة وتزعج الرجل، هذا من الأدب مع العالم، لا تأخذ بثوبه إذا نهض، لا تشر إليه بيدك، لا تفش له سراً، لا تمش أمامه، ولا تتبرم منه من طول صحبته، فإنما هو بمنزلة الرحمة فانتظر ما يسقط عليك منه منفعة.
حتى صفة القعدة أوضحها أهل العلم، فقالوا: لو قعد كما قعد جبريل عليه السلام عندما وضع يديه على فخذيه وانتصب أمام العالم احتراماً وإجلالاً له.