وقبل أن أنهي كلامي، هناك أشياء تنافي كمال الالتزام مثل: قضايا التخلي عن الزهد، فتجد الواحد مثلاً يلبس أحسن أطقم الأزر ويشتري أحسن الأقلام، وبيته مزخرف، لو أنه اشترى أقل منها بنصف الثمن ربما أدت الغرض نفسه، لكن الناس عندهم عقدة التزين والاهتمام بالمظاهر بحيث إنها في بعض الأحيان عند بعض هؤلاء ينفقون أموالاً بما يشبه الإسراف أو ربما التبذير، وهذا أيضاً دال على عدم استشعارهم لحاجة إخوانهم المسلمين لهذه الأشياء الزائدة، على الأقل يا أخي احتفظ بها ربما في المستقبل تتزوج وتحتاج إليها في زواج أو في بناء بيت، ولكن لا يوجد تأصيل، أو لا يوجد انتباه إلى هذه الأشياء.
وأختم كلامي بأنه لا يفهم من هذا الكلام -قضية الجدية- أن الجاد لا يضحك مطلقاً ولا يتبسم، وإنما يمشي بين الناس وهو مقطب الجبين، مشيةً عسكرية لا يلتفت يميناً ولا يساراً، كلامه مقتضب وقليل جداً، ولا يعرض عن أي شيء، هذا ما نقول عنه هذا جاد، نقول هذا: مسرفٌ في تشدده وشدته على إخوانه، الرسول صلى الله عليه وسلم يقول:(وتبسمك في وجه أخيك صدقة) والرسول صلى الله عليه وسلم كان يمازحهم، وكان يأتي أحدهم من خلفه مثلاً، فيغمض عينيه، وكان يمزح حتى مع النساء كبيرات السن كما هو معروف في الشواهد، وكان صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم يتبادحون بقشر البطيخ، فإذا جاءت الحرب كانوا هم الرجال، فلا بأس بالترويح واللعب البريء، ولا بأس ببعض الفكاهات بعد عناء أو طول تلق للعلم أو طول مكثٍ في مجلس ذكرٍ بما يناسب المقام وبما لا يتعارض مع الشريعة، لكن طبعاً لا تتعدى مثل بعض الإخوان الذي يتبادحون بقشر البطيخ فصاروا يتبادحون بالبطيخ نفسه، ويقول بعضهم: يا أخي هؤلاء أوجعونا بالبرتقال.
فالمهم نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يرزقنا وإياكم الإخلاص والمتابعة لرسوله صلى الله عليه وسلم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيد المرسلين.
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.