فأما أولها: فهو الإيمان بهذه العقيدة التي نزلت من عند رب العالمين؛ الإيمان بما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والتحاكم إلى الكتاب والسنة عند التنازع، والاستغناء بهما عما جاء في سواهما، واعتقاد كمال هذا الدين، ووجوب تقديم النقل على العقل في حالة التعارض المتوهم، وإلا ففي الحقيقة فإن النقل الصحيح لا يعارض العقل الصريح.
والأدب مع نصوص الكتاب والسنة من حيث مراعاة الألفاظ في بيان العقيدة، وعدم الدخول إلى القرآن والسنة بمقررات عقلية سابقة، وترك الخوض في علم الكلام والفلسفة من حيث أنه علم لا ينفع، وكما ورد في الدعاء:(اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع) وأن نؤمن إيماناً تاماً بأنه لا يُوجد شيء اسمه فلسفة إسلامية، ورجل العقيدة كما أنه يعتقد بهذه العقيدة، فإنه يُربي الناس عليها، ويبينها بالوحي حتى تمتلئ قلوب الناس بعظمة الله وبعظمة نصوص القرآن والسنة، ويحرص رجل العقيدة على أن يربي نفسه ويربي الشباب بالذات على هذه العقيدة وعلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال عمرو بن حبيش رضي الله عنه:[إذا رأيت الشاب أول ما ينشأ مع أهل السنة والجماعة فارجه -توقع منه الخير- وإذا رأيته مع أهل البدع فايئس منه، فإن الشاب على أول نشوئه].
ولذلك الآن لو وُجدت هناك الأوعية التربوية الصحيحة المستمدة من عقيدة أهل السنة والجماعة فانضوى وانضم إليها شباب الأمة، لخرجت نوعية عظيمة من الرجال، ولكن المشكلة أن شباب الأمة الإسلامية تتخطفهم الشهوات والشبهات وطرق الزيغ والضلال، والطرق التي يُخلط فيها الحق بالباطل في كثيرٍ من الأحيان، ولذلك لا تجد النوعيات التي تحمل هذا الدين، وإنما تجد عقليات مشوشة ومضطربة لا يمكن أن تفهم نصوص الكتاب والسنة فهماً صحيحاً وتنطلق بها لتطبقها تطبيقاً صحيحاً، فأنى لهؤلاء أن يحملوا هذا الدين.
وقال عبد الله بن شوذب رحمه الله:"إن من نعمة الله على الشاب إذا نسك -إذا اهتدى وسلك الطريق المستقيم- أن يوافي صاحب سنة يحمله عليها"، وهذا الكلام يشمل النساء أيضاً، ولذلك يجب أن تنتبه المرأة المسلمة إلى دعاة الضلال الذين يريدون أن يؤثروا عليها بالبدعة مثل دعاة التصوف.
والعقيدة الصحيحة إذا استقرت في نفس رجل العقيدة فإن لها أثراً عظيماً في حياته، بل وحتى على فراش الموت يكون لها أثر، مثال: عن أنس رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على شابٍ وهو يحتضر، فقال: كيف تجدك؟ فقال: والله يا رسول الله إني أرجو الله وإني أخاف ذنوبي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يجتمعان في قلب عبدٍ في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله ما يرجو وأمَّنه مما يخاف).