والسفر لطلب العلم من أعظم القربات:{فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ}[التوبة:١٢٢].
الناس الآن يذهبون إلى الخارج ليتحللوا من الدين، والأصل:((لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ)) وهم يذهبون إلى الخارج لكي ينسوا الدين، والأصل:{وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}[التوبة:١٢٢] فصار طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة، والمقصود في الآية طبعاً علم الشريعة، وعلم الدين الذي يحتاج إليه المسلمون.
أيها الإخوة: المسلمون اليوم يحتاجون اليوم إلى علماء في الشريعة أكثر من حاجتهم إلى الأطباء والمهندسين والله، ولكن من يفقه هذا؟ ولسنا نغض من قدر تحصيل العلم الدنيوي لرفع شأن المسلمين، ولكن علم الشريعة يحتاج إليه المسلمون في هذه الأوقات التي عم فيها الجهل حاجةً عظيمة (من خرج من بيته في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع) حديث صحيح.
وقد رحل الصحابة والسلف في طلب الحديث الواحد أياماً وشهوراً، ورحل جابر رضي الله عنه شهراً كاملاً في طلب حديث، وقال سعيد بن المسيب رحمه الله: إن كنت لأرحل الأيام والليالي في طلب الحديث الواحد.
وخرج الحميدي رحمه الله، وهو من أجلة المحدثين يريد أن يلقى شيخاً في مكان على ثلاثة أميال من مكة، فلما خرج إليه وسافر ذلك السفر لقي في الطريق رجلاً، فقال له: أين تريد؟ قال: أردنا أبا العباس من الرواة.
قال: يرحم الله أبا العباس مات أمس، فقال الحميدي: هذه حسرة، ثم قال: أنا أسمعه منك هذا الحديث.