كتابة الرُّقى والعزائم
الرقى الشركية التي تحوي استغاثة بالجن أو بالموتى، وتحوي كذلك طلاسم من الرسومات المجهولة، أو الأرقام الغريبة، أو الأحرف التي لا تدل على معنى واضح، وقد تكون مكتوبة بلغة أجنبية، لا يستطيع الإنسان أن يقرأها، وقد تكون مكتوبة بلغة عربية واضحة، وأنا أعرض لكم مثالاً من الأمثلة، التي وُجِّهت لعلمائنا الأجلاء، فأجابوا عنها الإجابات الشافية الواضحة: يقول أحدهم متوجهاً ب
السؤال
إن عندنا في بلادنا رُقْيَة منتشرة تسمى: بـ (رُقْيَة العقرب) ونص هذه الرُّقْيَة يقول: باسم الله، يا قراءة الله، بالسبع السماوات، وبالآيات المرسلات، التي تَحْكُم ولا يُحْكَم عليها، يا سليمان الرفاعي، ويا كاظم سُم الأفاعي: نادي الأفاعي باسم الرفاعي، أنثاها وذكراها، طويلها وأبترها، إلى آخر الرُّقْيَة المزعومة.
وقد أجاب علماؤنا عن هذه الأسئلة الموجهة من بعض الحريصين الذين وقع عندهم استغراب لما يقرءون، ولما اطلعوا عليه، فأجابوا بأن مثل هذه الرُّقْيَة رُقْيَة شركية؛ تنافي التوحيد، وتضاد العقيدة، مثل قوله في هذه الرُّقْيَة: بالسبع السماوات؛ يستغيث بالسبع السماوات، والسبع السماوات مخلوقة من مخلوقات الله عز وجل، أو يقول منادياً ذلك الولي بزعمهم: يا سليمان الرفاعي، يا كاظم سم الأفاعي: نادي الأفاعي باسم الرفاعي، والاستغاثة بالأموات لا تجوز مطلقاً.
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (إذا سألتَ فاسأل الله، وإذا استعنتَ فاستعن بالله) انظر كيف استبدلوا الأدعية الصحيحة التي علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه الأشياء الشركية.
ماذا علَّمنا عليه الصلاة والسلام؟ ألم يقل لنا في أذكار الصباح والمساء أن نقول: (باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيءٌ في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم)؟! نستغيث بالله عز وجل، نطلب العون باسم الله عز وجل فقط، لا باسم غيره، ولا بأي مخلوقٍ من المخلوقات مهما كان عظيماً، باسم الله -فقط- الذي لا يضر مع اسمه شيءٌ في الأرض ولا في السماء، وهو السميع العليم، الذي يقولها في الصباح والمساء لا تصيبه آفة ولا يضره شرٌ بإذن الله عز وجل.
ألم يعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نقول: (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق)؟! أليس عندنا من الرصيد في القرآن وصحيح السنة ما يغني عن هذه الأشياء المحرمة، بل إن فيه أجراً بالإضافة إلى الحفظ الذي يحفظ الله به قارئ هذه الأشياء وتاليها؟! القارئ والتالي يحفظه الله، ويكسب الأجر أيضاً، أما تلك الأشياء المحرمة فإنها توقع في الشرك، ويَكْسَب بها الإثم، ولا تحميه من شيء، وإن حصل شيءٌ فهو بإذن الله عز وجل، وليس بسبب هذه الشركيات والشعوذات.
ووجه سؤالٌ أيضاً لعلمائنا يقول السائل: هناك فئة من الناس يعالجون بالطب الشعبي على حسب كلامهم، وحينما أتيت أحدَهم قال لي: اكتب اسمك، واسم والدتك، ثم راجعنا غداً، وحينما يراجعهم الشخص يقولون له: أنت مصابٌ بكذا، وعلاجك كذا، فما حكم إتيانهم وسؤالهم؟! فكان الجواب الموفق على هذا السؤال: مَن كان يعمل هذا الأمر في علاجه فهو دليلٌ على أنه يستخدم الجن، ويدَّعي علم المغيبات، فلا يجوز العلاج عنده، كما لا يجوز المجيء إليه، ولا سؤاله؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الجنس من الناس: (مَن أتى عرافاً فسأله عن شيءٍ لم تُقْبَل له صلاةٌ أربعين ليلة) رواه مسلم.
وكل من يدعي علم الغيب باستعمال ضرب الحصى، أو الوَدَع، أو التخطيط في الأرض، أو سؤال المريض عن اسمه أو اسم أمه أو اسم أقاربه، فكل ذلك دليل على أنه من العرافين أو الكهان الذين نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن سؤالهم وتصديقهم، وكذلك الذين يكتبون هذه الأحجبة والتمائم والعزائم الشركية لا يجوز إتيانهم، ولا أخذ هذه الأحجبة والتمائم منهم، ولا استعمالها ولا دفع قرشٍ واحدٍ من أجلها.
الآن الناس إذا أصاب أحدهم سحرٌ، أو مرض، أو مكروه، أو شيء غريب، أو امرأة أسقطت، أو مرض ولدها، أو أصابتها عينٌ، أو أصاب إنساناً حسدٌ مثلاً، يفزعون إلى من؟! قال الله عز وجل: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} [النمل:٦٢] من الذي يجيب المضطر إذا دعاه؟! ومن الذي يكشف السوء؟! إنه الله عز وجل، هو الذي يكشف الضر وينزل رحمته على عباده بعد أن قنطوا، ويئسوا، بدلاً من أن يلتجئ هؤلاء الذين يتسمون بأسماء المسلمين إلى الله عز وجل ليكشف لهم هذا الذي نزل بهم؛ فإنهم يسافرون ويذهبون وينقبون ويسألون، وتجد الواحد يهمس في أذن الآخر: هناك عراف في البلد الفلاني اذهب إليه، في الشارع الفلاني توجد امرأة تفك هذه الأشياء اذهب إليها، سافر إلى بلد كذا وأنا أعطيك عنواناً اذهب إليه، لقد جربتُه فنفع أكثر من مرة، ضحك الشيطان عليهم، استحوذ عليهم الشيطان، فأنساهم ذكر الله، أنساهم مَن الذي يكشف الضر: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ * وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ} [الشعراء:٨٠ - ٨٢].
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في المعوذات: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} [الفلق:١] {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} [الناس:١] {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:١] (ما تعوذ متعوذ بمثلهن) هذه السور التي يجب أن نتعوذ بها، أن نقرأ بها على أنفسنا، أن ننفث في أكفنا بعد أن نجمعها، ونقرأ هذه السور قبل النوم، ونمسح بها أجسادنا.
هذا هو العلاج الشرعي لهذه الأشياء.
الناس اليوم ماذا يفعلون؟! إلى من يلجأون؟! ماذا يقرءون؟! وماذا يستعملون؟! إنها دياجير الشرك والظلمة التي خيمت على عقول وقلوب أولئك النفر الذين جهلوا التوحيد، وما يضاد التوحيد، لا يكفي أن نتعلم التوحيد فقط، لكن يجب أن نتعلم ما يضاد التوحيد؟ ما الذي ينافي التوحيد؟ ما هو الشرك؟ ما هي أنواع الشرك؟ تعلُّم التوحيد -أيها الإخوة- مهم؛ لكن تعلم الشرك أيضاً مهم؛ ولذلك بين لنا القرآن وبينت لنا السنة أنواعاً من الشرك؛ لكي يحذرها الإنسان.
لا يكفي أن تتعلم الخير فقط، بل يجب أن تتعلم ما يحذرك من الشر! ما هي طرق الشر! ما هي أساليب الدجالين والمشعوذين! حتى تحذر منهم.
كذلك انظر إلى تلك الأوراق! ماذا يُكْتَب فيها! لقد فتحنا بعضَها أيها الإخوة، فإذا الرائحة العفنة تنطلق منها، أوراق بالية كُتِبَت بحبرٍ قديم، يعلوها التراب، جلد معفِّن يضعونه على أعناقهم، أوراق يضعونها بين أجسادهم وثيابهم، يزعمون أنها تنفع وتدفع، يعلقون الخيوط والتمائم والأحراز، ثم يقول أحدهم في أحد الرُّقَع التي أعطاها أو العزائم التي أعطاها لبعض الناس كَتَب فيها: يُنْقَش في خاتم من ذهب، ويُبَخَّر بعودٍ وعنبر، ويُلْبَس على طهارة تامة، ويُديم ذكر اسم الله تعالى: عليٌ عظيم، في دبر كل صلاة [١١٣٠] مرة لمدة أسبوع، من بعد صلاة الصبح يوم الجمعة، تنتهي يوم الخميس بعد صلاة العشاء.
إلى آخر الدجل والشعوذة.
هات دليلاً على قراءة هذَين الاسمَين [١١٣٠] مرة بعد كل صلاة لمدة أسبوع! يعطونها للجهلة على أنها وصفات مثل الوصفات الطبية، لها مقادير معينة، مرات معينة تستخدَم، مدة العلاج كذا وكذا.
حتى متى يظل أغبياؤنا وجُهَّالنا يصدِّقون بمثل هذه الأمور؟! وبعد ذلك يقول ذلك المجرم: يُنْقَش في خاتم من ذهب.
وهل يجوز للرجل أن يلبس خاتماً من ذهب؟!