أما معناه أيها الإخوة! فإن التسبيح: هو التنزيه فإذا سبحت الله أي: نزهته عن جميع النقائص والعيوب تسبح الله سبحانه وتعالى، أي: أن تبرئ ربك من كل عيب، وأن تشهد له بالكمال، وإذا حمدته فأنت تثني عليه، فيكتمل التسبيح بالتحميد، تمجيد الله عز وجل، لأنك تثبت له الكمال من جهة، وتنفي عنه النقص من جهةٍ أخرى، ولذلك كان من أعظم الأذكار: سبحان الله وبحمده: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ}[الروم:١٧].
وقد يكون التسبيح بمعنى الصلاة كما أنه قد جاء في صلاة السبحة (سبحة الضحى) وهي: النافلة تسمى بالتسبيح، لأنها تشتمل على التسبيح، وكذلك فإن هذا التسبيح هو من رءوس الأذكار، فإن ذكر الله تعالى منه ما يكون تسبيحاً، ومنه ما يكون تهليلاً، ومنه ما يكون تحميداً منه ما يكون تكبيراً، وكل هذا من أنواع الثناء على الله عز وجل، والتسبيح تبريكٌ وتقديسٌ وتطهيرٌ، والتسبيح من حكمته استحضار العبد عظمة الخالق، ليمتلئ قلبه هيبةً فيخشع له سبحانه وتعالى، هذا التسبيح مطلوبٌ عقله بالقلب والتفكر فيه، وأننا إذا قلنا سبحان الله، فإن هذه ليست كلمة تقال باللسان دون أن نعرف معناها، بل نستحضر المعنى إذا عرفناها، إن التسبيح عبادةٌ لو كانت على طهارة فهي طيبة، ويجوز أن تكون على غير طهارةٍ قائماً وقاعداً ومضطجعاً:{الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ}[آل عمران:١٩١].
التسبيح داخل في حديث عائشة رضي الله عنها قالت:(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه) وسواء كان تسبيحاً أو غيره، ويندب للمسلم أن يسبح الله سبحانه وتعالى بصوتٍ خافت على وجه العموم:{وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً}[الإسراء:١١٠]{وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ}[الأعراف:٢٠٥].
وأما دبر الصلوات فقد ذهب عددٌ من أهل العلم إلى مشروعية الجهر به؛ لأن ابن عباس رضي الله تعالى عنه قد أخبر أن الجهر بالذكر عقب المكتوبة كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا التسبيح إذا عقله الإنسان، فإنه يعقل أموراً كثيرةً منها: