للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[استخدام الغلام للمعجزات التي أعطاه الله إياها في الدعوة وانتشار أمره]

ثم قال: (وكان الغلام يبرئ الأكمه والأبرص) الأكمه: هو الذي ولد أعمى، والأبرص والبرص: مرض معروف (ويداوي الناس من سائر الأدواء) هنا الله عز وجل أعطى الغلام مقدرة على أن يشفي الأمراض بإذن الله، كما أن الله أعطى عيسى القدرة على إحياء الموتى بإذن الله، فأعطى الله الغلام القدرة على علاج المرضى وإبراء المرضى بإذن الله، فكيف استخدم الغلام هذه القدرات التي أعطاه الله عز وجل إياها؟ لقد انتشر بين الناس، يعالج هذا ويبرئ هذا بإذن الله، يزيل علة هذا، ويداوي هذا (ويداوي الناس من سائر الأدواء) كل الأمراض، فهل سيستخدم الغلام هذه القدرة في جلب الأموال، وفي تحصيل الفلوس من الناس على المداواة؟! لم يكن هذا إطلاقاً، وإنما سيستخدمها أجل وأعظم وأعلى وأغلى من قضية متاع الدنيا، سيستخدمها في إقناع الناس بالتوحيد وعرض العقيدة الصحيحة عليهم، هذه العملية- طبعاً القصة طويلة جداً، ولذلك سوف نقف بعد قليل حتى لا يطول الوقت، ونكمل إن شاء الله في وقت لاحق، لأن عرض القصة يطول بنا- هذه عملية المداواة ماذا سببت للغلام؟ أن ذاع صيته وشاع أمره بين الناس أليس كذلك؟ (فسمع به جليسٌ للملك كان قد عمي) أصابه العمى، فماذا فعل؟ (فأتاه بهدايا كثيرة) عند كلمة (فسمع به جليسٌ للملك) وقفةٌ بسيطة، ذيوع الدعوة وانتشار صيت الدعاة ومعرفة مصدر النور يؤدي إلى استقطاب الناس بشتى طبقاتهم ومستوياتهم، فعند ذلك يقتنع بالعقيدة الصحيحة الغني والفقير والأمير والحقير والصعلوك والعظيم، إذا ذاع أمر الدعوة، يقبل الناس عليها زرافاتٍ ووحداناً، صحيح أن هناك تفاوتاً في التقبل، فأهل الجنة أكثرهم الفقراء، وأول من يدخل الجنة الفقراء، فالفقراء يقبلون أكثر من الأغنياء، والمستضعفون يقبلون أكثر من الجبارين هذا معروف، لكن ذيوع الدعوة مهم حتى تستقطب الناس كافة (فسمع به جليسٌ للملك كان قد عمي فأتاه بهدايا كثيرة فقال- الأعمى للغلام-: ما هاهنا لك أجمع إن أنت شفيتني) كل الهدايا هذه لك أجمع إن أنت شفيتني (قال الغلام: إني لا أشفي أحداً إنما يشفي الله عز وجل) هنا أمر ملفت للنظر، أن الغلام تجاهل أمر الهدايا تماماً، ولا كأنه يوجد هدايا، ولم يقل: أنا ما أريد أن أنتقل مباشرة للأمر المهم، كأن أمر الهدايا مسألة ما طرحت، فقضية الهدايا والأموال تافهة جداً مع أن فيها بريقاً وجاذبية، لكنه تجاهلها (قال: إني لا أشفي أحداً) ركز على المقطع المهم من الكلام الذي هو كلام الأعمى حين قال: (إن أنت شفيتني) ومعروف أن الشفاء بيد الله عز وجل {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} [الشعراء:٨٠] من أفعال الله عز وجل أنه يشفي أما الناس فلا يشفون، فركز الآن على خطأٍ في العقيدة وفي العبارة، وهذا يدلنا على وجوب تصحيح أخطاء الناس، العامة أحياناً لهم ألفاظ فيها عبارات خطأ، وتدخل أحياناً -أيها الإخوة- هذه العبارات التي نعلمها للأطفال إذا دققت النظر، تجد أشياء من هذه الأناشيد المتداولة، أذكر لكم مثالاً: مرةً خطر في ذهني لفظة مستخدمة جارية، فالولد الآن إذا لم يعرف الإجابة الصحيحة في الامتحان، أو لم يعرف هل يأخذ هذا أو هذا، أو جاءت أمه وقالت: تأخذ الذي بهذه اليد أو الذي في هذه اليد ماذا يعمل؟ عبارة مشهورة يقول: حادي بادي صح؟ وما هي حادي بادي، سيدي محمد البغدادي إلى آخر الكلام؟ فأنا مرة طرأت في ذهني قضية: من هو محمد البغدادي؟ هو ولي من أولياء الله، ولماذا يؤتى بذكره هنا في وقت التحير والواحد لا يعرف ماذا يختار؟ هل سيدي محمد البغدادي هو الذي يرشد الناس إلى الخير وإلى الأحسن؟! وهل هو شخصية وهمية أم حقيقة؟ هذا أكيد أنه مات وأن هذا كلام قديم، وعلى فرض أنه موجود، أليس هذا استعانة بالموتى في الاختيار، فنحن الآن نعلم الأطفال ونسكت عندهم على أشياء مخالفة للعقيدة ومخالفات صريحة.