هذا الحديث الذي أخبرنا به صلى الله عليه وسلم لأجل الاستعداد ليوم المعاد، وذكر لنا أشياء بعضها حصلت، ومن الأدلة على أن الأشياء الكبيرة ستحصل، أن الأشياء الأخرى التي أخبرنا بها قد حصلت، فقد أخبرنا صلى الله عليه وسلم بأشراط كثيرة للساعة، أخبر أن بعثته أول شرط من أشراط الساعة، وموت النبي عليه الصلاة والسلام من أشراط الساعة وقد حصل، وفتح بيت المقدس حصل، والطاعون حصل، وفيض المال قد حصل، وظهور الفتن من قبل المشرق حصل، والمقتلة بين الصحابة حصلت، واتباع الأقوام الأخرى حصل، وإدعاء النبوة حصل، وانتشار الأمن ولا يخاف الرجل إلا الذئب على غنمه حصل شيء من ذلك.
وظهور النار العظيمة في الحجاز وقرب المدينة في عام ستمائة وأربعة وخمسين قد حصل، وكتب عنه المؤرخون وفصلوا عنه تفصيلاً كثيراً، وقتال الترك وأن الترك يقاتلونا قد حصل، وقتال العجم حصل، وضياع الأمانة حصل، وقبض العلم وصار كثرة الشرط وأعوان الظلمة ما أكثرهم، وانتشار الزنا والربا وقع، وظهور المعازف وقع، وكثرة شرب الخمر كذلك، وزخرفة المساجد مملوءة، والتطاول في البنيان قام، وولدت الأمة ربتها وقع ذلك فعلاً، وكثرة القتل ما أكثره، وتقارب الزمن نحن نحسه، وتقارب الأسواق فيشتري في هونج كونج والسلعة في أمريكا، وظهر الشرك في الأمة والفواحش وقطعت الأرحام، وأسيء الجوار، وتشبب المشيخة حصل، وكثرة الشح ولا أكثر منه، وكثرة التجارة وما أكثرها، وتعين المرأة زوجها على التجارة؛ فقد أخرجوا سجلات تجارية بأسماء زوجاتهم حصل، وكثرة الزلازل نسمع عنها، وظهور الخسف والمسخ والقلب نحن منه قريب، وذهاب الصالحين، وارتفاع الأسافل، وأن يكون السلام للمعرفة فهذا منتشر، والتماس العلم عند الأصاغر، وظهور الكاسيات العاريات؛ اذهب إلى السوق لتراه في الشوارع، وصدق رؤيا المؤمن:(تكاد رؤيا المؤمن لا تكذب)، وفشوا القلم؛ انتشار الكتاب والمطابع والجرائد والأجهزة التي تنشر الكتابات شيء لا يصدق، وانتفاخ الأهلة يرى الهلال لليلة، فيقال: عمره ليلتان، وذاك لا يعول رأيته كبيراً، هذا معناه أنهم أخطئوا في رؤية الهلال، نقول: لا، من أشراط الساعة انتفاخ الأهلة، يمكن إذا رأيته أنت منتفخاً على أشراط الساعة الواقعة، وكثرة الكذب وعدم التثبت في الأخبار لا يوجد أكثر منه فشواً، وكثرة النساء وقلة الرجال، ترى في البيت سبعة بنات وولداً وربما لا يوجد، وعودة أرض العرب مروجاً وأنهاراً، هاهي الآن في طريقها إلى الحصول، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان مر بـ تبوك، فقال:(يا معاذ! يوشك أن ترى ما على هاهنا وهاهنا مروجاً وأنهاراً)، والآن الزراعة في تبوك والانتشار متوسع وآخذ، وتمني الإنسان الموت، وكثرة الروم وقتال المسلمين.
بقيت أشياء من الأشراط الصغرى نحن ننتظرها، كما قلنا مثلاً: القذف والمسخ، يمسخ ناس قردة وخنازير من هذه الأمة، سيقع قطعاً ولابد، وربما يقع في عصرنا، وربما ندركه نحن في أعمارنا، حدوث قذف من السماء يقذهم الله، ويمسخ ناساً قردة وخنازير سيقع قطعاً، ستفتح القسطنطينية فتحاً غير هذا الفتح الذي حصل، وستفتح روما أيضاً، وسيخرج القحطاني، وكذلك سيحسر الفرات عن جبل من ذهب، وتكلم السباع الإنسان، فهذه أشياء نحن ننتظرها.
فالسباع تكلم الإنسان وقد حصل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أن كلم الذئب راعياً، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في المسجد بـ المدينة، فدخل راع وسأل عن النبي صلى الله عليه وسلم فدل عليه، وأخبره بقصته، وقال: إنه كان معه غنمه في البادية، فجاء الذئب فعدا على شاة، فأخذها فتبعته فاستنقذتها منه، فأقعى الذئب على ذنبه، يقول: تأتي على رزق ساقه الله إلي فتأخذه مني، فقلت: واعجباً! ذئب يتكلم كلام الإنس، فقال: ألا أنبئك بما هو أعجب من ذلك؟ نبي بـ يثرب يخبر الناس بأنباء من قد سبق، وجاء الراعي ودخل المدينة، وفعلاً رأى النبي صلى الله عليه وسلم يخبر الناس بأنباء من قد سبق.
وكذلك أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن البقرة التي تكلمت، وأخبر أنه يؤمن بذلك هو وأبو بكر وعمر، فحصل قطعاً كلام للبقرة وللذئب ولا يستبعد أن تحصل أشياء أخرى، من أن تكلم السباع الإنسان، فقد نطق الحديد: المسجلات والميكرفونات والكمبيوتر.
فإذاً أكثر الأشراط الصغرى حصلت، وبقي شيء واحد من الأشياء الصغرى، مثل -كما قلنا- فتح روما، وحسر الفرات عن جبل من ذهب، وغير هذه الأشياء باقية، وبقي بعد ذلك الأشياء الكبيرة التي تبدأ بخروج الدجال.
فأقول: هذه الأشراط التي أخبرنا عنها النبي صلى الله عليه وسلم هي موعظة ليستعد الناس، لأنها إذا حصلت قامت الساعة -كما قلنا- لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل، هذا والله تعالى أعلم، وننتقل للإجابة على بعض الأسئلة.