السمع -أيها الإخوة- جاء في الدين متفاعلاً مع أحداث الواقع، هذا السمع يجب أن يكون حياً متفاعلاً مع الواقع ومع أحداث الواقع، ولذلك ترى بعض الأحاديث الآتية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تبين هذا التفاعل، قال عليه الصلاة والسلام:(إذا سمعت النداء فأجب داعي الله) أي: الأذان، والحديث صحيح، وقال عليه الصلاة والسلام:(إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول)(إذا سمعتم صوت الديكة فاسلوا الله من فضله)(إذا سمعتم نباح الكلاب ونهيق الحمير بالليل فتعوذوا بالله من الشيطان)(من سمع رجلاً ينشد ضالةً في المسجد، فليقل: لا ردها الله عليك، فإن المساجد لم تبن لهذا).
والتفاعل مع سماع الأخبار أمر مهم، قال عليه الصلاة والسلام:(من سمع بالدجال فلينأ عنه) لا يقل: أنا أتحداه، لا.
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: فلينأ عنه وليهرب منه؛ فإن الرجل يأتيه ويظن أنه مؤمن، فإذا قابله انقلب إلى الكفر والعياذ بالله (إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوا فيها).
أيها الإخوة: المطلوب من المسلم عندما يسمع الأخبار أن يتفاعل معها، فإذا سمع نبأً عن انتصار المسلمين أن يحمد الله ويسأل الله المزيد، ويدعو لإخوانه بالتثبيت والنصر على الأعداء، وإذا سمع أنباءً تفيد شراً حصل بالمسلمين، وعذاباً وقع بهم، وتشريداً حصل لهم، ونكايةً؛ فإن عليه أن يتفاعل مع هذه الأخبار إن كان في قلبه إيمان، ولو بالدعاء لهم، فإن المؤمن يألم لأهل الإيمان، والمؤمن في أهل الإيمان كالعضو من الجسد (إذا اشتكى عضوٌ تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمى).
إن التفاعل مع الأخبار التي تُسمع يوجب تأييداً ودعماً، وإن التفاعل مع المنكرات التي يسمع الإنسان عنها في حيه وفي بلده ينبغي أن توجب له تحركاً لدرء هذا المنكر وتغييره والأخذ على أيدي السفهاء.
إن الناس اليوم الذين يسمعون أحوال المنكرات فلا يتغير في أنفسهم شيء إن هم إلا {كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ}[الأعراف:١٧٩]، إنهم يسمعون الأحداث لكن لا يتفاعلون معها.