الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً رسول الله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأسبغ عليهم رضوانه، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين آمين.
عباد الله: لقد حثت الشريعة على العمل، وذمت البطالة والكسل، وكثيرٌ من المسلمين اليوم ما بين انغماسٍ في الدنيا بالكلية أو بطالة عمياء، يقع شبابهم البطالون في المعاصي وهم في الغي سادرون، وقليلٌ من المسلمين من توسط في الأمر وعرف كيف ينتهج النهج الصحيح في هذه الحياة.
لقد باشر الصحابة -رضي الله عنهم- الأعمال وتاجروا، حتى ألصق الناس بالنبي عليه الصلاة والسلام وهو أبو بكر الصديق، ما منعه حبه للنبي صلى الله عليه وسلم من الكسب والتجارة والسفر، وقد سافر إلى بصرى في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولا منع النبي صلى الله عليه وسلم حبه لقرب أبي بكرٍ من التجارة مع حبه له لقد عملوا في الكسب مع أنه قد عرضت عليهم هبات، لكن الكسب من التجارة أولى من الكسب من الهبة، وهذه المسألة دل عليها حديث النبي صلى الله عليه وسلم:(لأن يحتطب أحدكم حزمةً عل ظهره خيرٌ له من أن يسأل أحداً فيعطيه أو يمنع) رواه البخاري، فهو يدل على أن قضية الشحاذة والسؤال والطلب مذمومة ما دام الإنسان قادراً على العمل، ولم توصد في وجهه الأبواب، ولم تسد السبل؛ فإنه ينبغي أن يعمل وأن ينوي بعمله هذا وجه الله عز وجل.
ولكن حتى لا يتصور البعض أن القضية إمضاء الوقت في الكسب والتجارة والوظائف والدراسة؛ لا بد أن نعلم أن الشريعة قد جعلت ضوابط حتى لا يحصل طغيان ولا اختلالٌ في الميزان فما هي هذه الضوابط؟