[أسباب المشكلات الزوجية]
عندما تأملت في الشكاوي الواردة في هذا الموضوع ظهر لي أن الشكاوى من جانب النساء أكثر منها بكثير من جانب الرجال، وهذا يعود لعدة أسباب في نظري: الأمر الأول: إن مبنى المشكلات والزوجية في كثير من الأحوال على الظلم، والظلم يتأتى من الرجل أكثر من المرأة، نظراً لأنه الجانب الأقوى.
ثانياً: أن الشكاية من النساء كثيرة -هذا الشيء مقابل تماماً للمسألة السابقة- ورسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الصحيح في التعليل لسوء حال كثير من النساء: (تكثرن الشكايا).
ثالثاً: أن المرأة ضعيفة، فهي تشتكي، والرجل قد يكون عنده من المشكلات شيء كثير جداً، لكنه يحجم عن الشكوى؛ لأن الشكوى بالنسبة له عبارة عن نقطة ضعف، وهو لا يريد أن يظهر بمظهر الضعف، ولا يريد أن يقول للشيخ أو للواعظ أو للمحدث أو للصديق: إنني أعاني من مشكلات لا أستطيع حلها، وإنني ضعيف أمام زوجتي ونحو ذلك، ولذلك يحجم كثير من الرجال عن الشكوى بينما تكثر من النساء.
وأقول كذلك أيها الأخوة: إن الشرع يأمر الجميع بالإحسان، يأمر الرجل بالإحسان ويأمر الزوجة بالإحسان، ولكن حق الرجل على زوجته أكبر؛ من ناحية أن الشرع ندبها إلى إرضائه أكثر، وتجد الآيات والأحاديث في تبيان حق الزوج أكثر؛ لأنه هو القوام وهو الذي يقود السفينة، ولذلك يحتاج إلى طاعة ويحتاج إلى إعانة ومساعدة، ولكن في نفس الوقت لم يهمل الإسلام المرأة ولا حقها، وجاءت النصوص المتكاثرة بحقوق المرأة على زوجها.
ومن الأسباب التي تتحصل بسببها المشكلات الزوجية -بالإضافة للظلم- قضية العناد الذي يكون مترسباً في نفس الزوجة والزوج عند التعامل، بل إن صغر العقل -إن صحت التسمية- أو تعامل الأطفال -إن صحت العبارة كذلك- هو سبب مباشر لأخطاء التعاملات الزوجية كما ظهر لي.
وكذلك مسألة أن كل واحد منهما يريد إثبات شخصيته، وإزاحة الشخص الآخر عن موقع التأثير نهائياً، وإثبات الكيان وإثبات الموقف هو من الأسباب الرئيسية للمشكلات الزوجية.
وكذلك فإن الحساسية المفرطة عند المرأة -وهي مسألة مقابلة لظلم الرجل تقريباً- الحساسية المفرطة عند المرأة من أكبر أسباب المشكلات الزوجية كذلك.
ومن الأمور أيضاً: أن الواقع الحاضر في مسألة تعليم المرأة وعملها ووظيفتها، جعل هناك تفريطاً كبيراً في جانب النساء تجاه حقوق الأزواج، جعل الأمور تسير وكأنها طبيعية في قلة، أو تدني مستوى خدمة الزوجة للزوج، وكأن تقول له: هذه الحياة وماذا نفعل؟ لا بد أن نذهب إلى المدرسة، ولا بد أن نذهب إلى الكلية، ولا بد أن نذهب إلى الوظيفة، وأنت عليك أن تتحمل! وكأن هذا صار شيئاً واقعاً مفروضاً، مع أن الخلل قد يكون في أساس هذه المسائل.
وسيكون الحديث عن المشكلات -أيها الأخوة- على شقين: عندنا مشكلة تبدأ من الزوج أو الزوجة -والعياذ بالله- الكافرين المرتدين عن دين الله، وتنتهي بالمشكلات الطفيفة الموجودة في بعض البيوت، ولعل الكلام عن المشكلات المتعلقة بالزوج المرتد أو المرأة الكافرة، الأمر فيها يكون أوضح؛ لأن الحل في كثير من الأحيان قد يكون حلاً تغييرياً شاملاً، تغير الطرف الآخر وتنتهي القضية، ولا يمكن الاستمرار على تلك الحالة، ولكن الكلام الأكثر تعقيداً من جهة الحل وليس من جهة صعوبة الحالة هو في المشكلات التي تكون بين الأزواج الزوجات المسلمين، ولا بد أن نشير كثيراً إلى قضايا تتعلق بمشاكل الدعاة مع زوجاتهم، والمستقيمين مع زوجاتهم، إذ أن القضية تفاقمت كثيراً في الآونة الأخيرة حتى أن نسبة الطلاق ازدادت حتى بين كثير ممن يطلق عليهن ملتزمين وملتزمات.