للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[صفات الدجال]

أما عن صفات الدجال فإن له صفات عامة، فيقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (إني حدثتكم عن الدجال حتى خشيت ألا تعقلوا) أي حدثتكم كثيراً عن الدجال حتى خشيت أن ينسي حديثي بعضه بعضاً، أو أنه مع اشتباك الأحداث في أمور الدجال، تلتبس عليكم الأمور فلا تفهموه (فاعقلوا الحديث، وتبصروا فيه) يعني لا يفوتكم فهمه (إن المسيح الدجال رجل قصير) هذه أول صفة.

(أفحج) يعني يمشي مشية معيبة، فيه عرج بسبب تباعد ما بين ساقيه، مثل الرجل الذي بين ساقيه مرض، فهو يسير بهذه المشية المتعرجة.

(جعد) أي أن شعره ليس سبطاً وأملساً وإنما أجعد الشعر.

(مطموس العين، ليست بناتئة لا ظاهرة ولا حجراء -وفي رواية- جحراء -ليست داخلة للداخل وإنما هي مسطحة مع سطح والوجه، لا بارزة ولا داخلة، وهذا لا ينافي أنها ممسوحة كما سيرد- فإن ألبس عليكم -لو ألتبس الأمر عليكم في الدجال- فاعلموا أن ربكم ليس بأعور، وأنكم لن تروا ربكم) يعني سيظهر الدجال ويقول: أنا ربكم ونحن نعلم أننا لن نرى الله في الدنيا فإذاً لو طلع الدجال وقال: أنا ربكم، لا يلتبس عليكم الأمر أيها الناس، فأول شيء أن الله ليس بأعور، وثاني شيء أنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا.

فإذاً إذا قال في الدنيا: أنا ربكم فلن تروه لأنكم لم تروا الله حقيقة في الدنيا، فإذاًَ هذا الذي يزعم أنه رب دجال.

ثم قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الآخر: (الدجال أعور هجان -أي أبيض- أزهر) وفي رواية (أقمر) أي أبيض أيضاً (كأن رأسه أصل) أي مثل الحية العظيمة، (أشبه الناس بـ عبد العزى بن قطن) وهذا رجل من خزاعة كان في الجاهلية، مات كافراً فشبه لهم الرسول الدجال بـ عبد العزى بن قطن (فإما هلك الهلك) أي إذا هلك الناس الذين سيرونه، فإن ربكم ليس بأعور، ثم قال: (ألا إن المسيح الدجال أعور العين اليمنى كأن عينه عنبة طافية، وأُراني الليلة عند الكعبة في المنام) أُراني أي: أنه رآه في المنام، وكذلك قال: (أما مسيح الضلالة -عكس مسيح الهداية الذي هو المسيح عيسى ابن مريم- فإنه أعور العين، أجلى الجبهة -أي واسع الجبهة شعره منحسر، جبهته عريضة- عريض النحر -مكان الرقبة عريض- فيه دفء أي فيه انحناء).

وقال: (الدجال أعور العين اليسرى، جُفال الشعر) أي شعره أجعد كثيف فليس بالقليل وإنما كثير، وكذلك أخبر عن العلامة المهمة جداً في الدجال وهي العور، فإحدى عينيه ممسوحة تماماً، والعين الأخرى فيها علة يشبهها كأنها (نخاعة في حائط مجصص) (وكأنها عنبة طافية)، كيف تكون العنبة بارزة بين حبات العنب الأخرى، أو كيف تكون العنبة إذا راح ماؤها، كما أن لها لون أخضر كما قال: (كالزجاجة الخضراء) وكذلك فإن على هذه العين لحمة تنبت عليها ظفرة، والظفرة لحمة تنبت من جهة المآقي، من طرف العين الذي من جهة الأنف حتى تغطي جزءاً من عينه.

يريد عليه الصلاة والسلام بهذا الوصف الدقيق ألا تضل الأمة، وأن تعرف الأمة صفة المسيح الدجال، بالإضافة إلى ذلك يقول عليه الصلاة والسلام: (وإن بين عينيه مكتوب كافر، يقرأه كل مؤمن) يقرأ هذا، وفي رواية أخرى: (يقرأه كل مؤمن كاتب وغير كاتب) أي سواء كان يعرف القراءة والكتابة أو كان أمياً فإن كل المؤمنين يستطيعون أن يقرءوا هذه الحروف التي بين عيني الدجال (ك ف ر) -الألف كانوا في الماضي لا يكتبونها في الخط، ولكن تنطق مثل داود- والكفار يحجبهم الله عنها بحوله وقوته سبحانه وتعالى.