للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الحث على إصلاح القلب والابتعاد عن مفسداته]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، الحمد لله الذي جمعنا وإياكم في هذا المكان، والحمد لله الذي هيأ لنا هذا اللقاء، ونسأله سبحانه وتعالى أن يجعله مجلساً من مجالس الذكر الذي تحفه ملائكته، ونسأله سبحانه وتعالى أن يجعلنا وإياكم من الذين تنزل عليهم الرحمة والسكينة وتتغشاهم.

أيها الإخوة: نحمد الله على ما من به من نزول هذه الأمطار ونقول: مطرنا بفضل الله ورحمته، اللهم صيباً نافعاً، اللهم صيباً نافعاً، اللهم صيباً نافعاً، ونتفاءل بنزول هذا المطر، نتفاءل بنزول رحمة الله سبحانه وتعالى على المؤمنين، ونزول نصره عليهم، ونزول عذابه على الكفرة المشركين، وعلى اليهود والمنافقين وأعداء الدين، وربما سأل بعض الإخوان فقال: لماذا لا نجمع الآن؟ فأقول: الجمع في المطر لكي لا يشق على الناس الإتيان إلى المسجد لصلاة العشاء، وما دمنا نحن الآن في المسجد أصلاً فلعل هذه المشقة لا تكون موجودة بالنسبة للأعم والأغلب والحكم للأعم الأغلب، والله تعالى أعلم بالصواب.

وقد تكلمنا أيها الإخوة في المرة الماضية عن موضوع إصلاح القلوب، وذكرنا فيه نقطتين أساسيتين، أو ثلاثاً، ولعل من المناسب أن نسمي الموضوع الماضي بعنوان: (المسلم بين الزهد والورع).

وأن يكون عنوان هذا الدرس في هذه الليلة، (مفسدات القلوب)، لأننا سنتكلم عن مفسدات القلوب، ولا شك أن الموضوع الماضي وهذا الموضع يدخلان في الإطار العام لموضوع إصلاح القلوب.

أيها الإخوة: إن هذا القلب هو الملك على سائر الأعضاء، وهو الذي عناه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: (ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله) ولما كان القلب هو الملك والجوارح هي الجنود المؤتمرة بأمره، ولما كان هو المسئول عن الرعية، وهو الراعي والجوارح هي رعيته، لما علم عدو الله إبليس بذلك أجلب على هذا القلب بالوساوس والشهوات، وصار يحاول إفساد قلوب بني آدم بشتى الوسائل التي يستطيعها، وما ذلك إلا أنه قد أخذ على نفسه العهد بأن يفسد من ذرية آدم من يستطيع، والله استثنى خلقاً من خلقه، فقال: "إلا عبادي" هؤلاء العباد ليس لك عليهم سلطان، عباد الله المتقون، وأما الناس الغافلون وأصحاب الشهوات والشبهات، فإن لكل منهم نصيباً من الشيطان، بحسب الضلال الذي أضله به، ولا يمكن أن ينجو الإنسان يوم القيامة إلا إذا جاء بقلب سليم من الشهوات والشبهات، كما قال الله عز وجل: {يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء:٨٨ - ٨٩].