هناك قضية أخرى من القضايا الأصولية العظيمة في هذا الحديث وهي: وجوب التحاكم إلى القرآن والسنة: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً}[الزمر:٢٣] وأوحى إلى رسوله عليه الصلاة والسلام وحياً -قرآناً وسنةً- لا لتبقى على الرفوف معزولة عن واقع الناس وحياتهم، وإنما ليحكم بين الناس بما أنزل الله، ويحكم من بعده عليه الصلاة والسلام بما أنزل الله تعالى.
يجب التحاكم إلى الكتاب والسنة، ونبذ أي مصدر آخر للتشريع غير القرآن والسنة، وأي مصدر من المصادر يُتحاكم إليه غير الكتاب والسنة فهو طاغوت من الطواغيت، ومحادة لله تعالى، وإشراكٌ به -عز وجل- شركاً أكبر يخرج عن الملة، وينقل من دائرة الإسلام إلى دائرة الكفر- والعياذ بالله- وكثيرٌ من الناس اليوم يتحاكمون إلى الهوى، أو إلى العادات والتقاليد، أو إلى شرائع شرعوها بينهم- ما أنزل الله بها من سلطان- فيقعون في الكفر- والعياذ بالله- وقد لا يعذرون بجهلهم، وهذا الرجل في هذا الحديث مثالٌ على الجاهل الذي ظن بأن هذا الحد الذي وقع فيه ابنه من الأشياء التي يمكن أن يصالح عليها بالمال فجاء إلى هذا الرجل، وقال له: ما يرضيك؟ كيف أرضيك؟ هذا ابني زنا بزوجتك.
ماذا يرضيك؟ فدفع له مائة شاة وجارية؛ لكي يرضا ذلك الرجل عن الزنا الذي حصل بزوجته- والعياذ بالله- هذا تحاكمٌ إلى عادات أو تقاليد أو أعراف أو أهواء موجودة في المجتمع، نسف صلى الله عليه وسلم هذا الحكم من أصوله واجتثه، وقال:(المائة شاة والوليدة ردٌ عليك) ارجع ما دفعت إليه هذا باطل لا يجوز.