للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[واجب الأمة نحو علمائها]

من واجبنا نحو العلماء بالإضافة للذهاب لأهل الاختصاص منهم، نقل الأخبار إليهم، فنذهب إلى المخلصين منهم فنوعيهم بالأمور التي قد لا يدرون عنها، فقد تصدر في المجلات أو الجرائد أو الكتب أشياء قد لا يكون عند العالم الوقت الكافي ليطلع عليها فينقدها أو يبين خطأها أو عوارها، فعند ذلك قد يكون مشغولاً بالقضاء أو بالتعلم، أو التعليم أو قد يكون عاجزاً أو مقعداً أو قليل الحركة أو فيه شيخوخة، أو لا يستطيع الذهاب إلى الأسواق ومعرفة ما نزل من الكتب، لا بد لطلبة العلم أن يذهبوا إلى العلماء ويخبروهم بالأشياء المستجدة وبالقضايا المعاصرة حتى يكون العالم على علم بها، فهؤلاء الطلبة هم بمثابة أدوات الحس للعالم التي يحس بها.

ومرة سئل الشيخ محمد بن عثيمين حفظه الله تعالى عن هذه الورقة التي ظهرت بين الناس، وموجودة هذه الأيام بكثرة ورقة المحاسبة، هل صليت الفجر في جماعة؟ هل اتبعت جنازة؟ هل زرت مريضاً؟ هل كذا؟ وتضع صح أو خطأ، وبعد ذلك تجمع العلامات وتنظر أنت في أي حالة؟ فأجاب بأن هذه الورقة بدعة، وأن السلف ما كان هذا حالهم في المحاسبة، وقال: والعجيب أن من كتب هذه الورقة صدرها بآية {اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ} [الحشر:١٨] فقال هل هذه الآية نزلت في زمن بعد الصحابة والسلف؟ كلا.

هل نحن نعلم بها أكثر من الصحابة؟ كلا.

فإذاً لماذا لم يفعل السلف هذه القضية؟ قال: ما كانت هذه هي طريقة السلف، وأجاب عن أشياء في نقد هذه الورقة، ثم قال معقباً: وما أحسن ما يأتي به أحد الناس إلى العلماء بمثل هذه الأشياء فيطلعهم عليها، ويقول: ما رأيكم فيها؟ ما رأيكم في مثل هذه الأشياء ومثل هذه الرسائل ومثل هذه الأوراق؟ تشيع بين الناس وتنتشر مثل الوصية المزعومة المكذوبة المنتشرة في هذه الأيام لخادم الحرم النبوي، بأنه من لم يصورها ولم يطبعها يحصل له من المصائب كذا وكذا، وللشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رسالة خاصة في نقد هذه الرسالة والرد وتأثيم من ينشرها بين الناس، وبيان كذب ما يوجد فيه.

المقصود: هو الذهاب إلى العلماء في عرض مثل هذه الأشياء.

كذلك من واجبنا نحو العلماء الجري ورائهم، والبحث والتنقيب عنهم، هذا موسى عليه السلام رحل من أجل أن يلقى الخضر عليه السلام ويسأله ويتعلم منه.

العلم يؤتى ولا يأتي، قد لا يكون للعالم فرصة في التجوال على الناس على مجالس الناس، لا بد أن نذهب نحن إليهم ونجري وراءهم، نحن نذهب إلى أماكن وجودهم إلى بيوتهم إلى مساجدهم نتصل بهم هاتفياً نكتب إليهم الرسائل، نحن نجري لأننا نحن أصحاب الحاجة، لا بد من الجري وراءهم.

لذلك كان عبد الله بن عمر يقول: [قل لطالب العلم يتخذ نعليه من حديد، حتى لا تحفى قدميه في الجري وراء العلماء، وطلب العلم] وكان معاذ بن جبل رحمه ورضي عنه يقول وهو على فراش الموت: [اللهم إنك تعلم أني لم أكن أحب البقاء في الدنيا لجري الأنهار، ولا لغرس الأشجار، ولكن كنت أحب البقاء لمكابدة الليل الطويل -أي: القيام- ولظمأ الهواجر في الحر الشديد، ولمزاحمة العلماء بالركب في حلق الذكر] لا بد من مزاحمة العلماء بالركب في حلق الذكر، فيذهب إليهم الإنسان، لا أقصد المزاحمة، أي: التضييق عليهم؛ لا.

لكن نجري وراءهم ونتعلق بهم ونحرص على لقياهم حتى ولو كان في ذلك السفر إليهم، وفي السفر في طلب العلم مصنفات.

العلماء أحياناً إذا ما جاءهم الناس ما قصدوهم ولا سألوهم قد يموت العلم عندهم، وقد تبرد الحماسة في نفس العالم، يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز في هذا الموضوع: "وقد ظهر في بلاد الإسلام حركات تنشد الحق، وتطلب الدليل، وتعنى بالكتاب والسنة"، هذه المسألة كان الناس في غفلة عنها تقليد وتعصب، وجهل، يقول الشيخ: " وإن وقع تقصير من العلماء فعلى طالب العلم أن يسأل العالم ويشجعه على نشر العلم، فإن العالم إذا سئل واتصل به طلبة العلم فإن هذا يعينه على العناية بالعلم ومراجعة الآيات والأحاديث والاستعداد للإجابة ولإظهار العلم، فإن غفل هذا وغفل هذا -يعني العالم وطالب العلم- فمن يبقى؟ يموت العلم".