إن ذكره عليه الصلاة والسلام عبادة وقربة نشرف به آذاننا ونصلح به أنفسنا بذكر سيرته وعبادته وهديه، يرفع ذكره في الأذان والإقامة والخطب والصلوات في التشهد وغير ذلك، في المجالس وفي الدعاء وعند ذكره صلى الله عليه وسلم، لسنا من الذين يذكرون النبي عليه الصلاة والسلام ليلة في السنة، بل نحن نذكره في كل ليلة ويوم طيلة السنة، وهكذا يجب أن نكون، ليست ذكراه عندنا سنوية، بل ذكراه عندنا يومية وأسبوعية وشهرية، ذكره دائم صلى الله عليه وسلم في كل يوم وليلة.
المسلم الحقيقي لا يحتاج إلى موالد لتذكر النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه يتذكره دائماً، وتُعمل الدروس والخطب في السيرة والغزوات والشمائل المحمدية، هكذا ينبغي أن تكون على مدار العام، وبين فترة وأخرى يذكر الناس بهدي نبيهم عليه الصلاة والسلام وسيرته، وهكذا ينبغي أن يكون، ولكن الناس إذا اعتراهم الوهن والفسق والضعف راحوا يقيمون الاحتفالات لعظمائهم، وهذه طريقة الكفار، انظر إليهم في احتفالاتهم بالأشخاص.
قال العلامة المصري/ محمد رشيد رضا رحمه الله: إن من طباع البشر أن يبالغوا في تعظيم أئمة الدين والدنيا في طور ضعفهم في أمور الدين والدنيا، لأن هذا التعظيم- هذا هو التحليل النفسي للمولد- لا مشقة فيه على النفس، فيعملونه بدلاً مما يجب عليهم من الأعمال الشاقة التي تُعمل طيلة العام، ولذلك ترى أهل الفسق أفسق الناس وأفجر الناس يشاركون في المولد لأنها ليلة في السنة، يدخل بها مع المحتفلين ثم يخبره ضلال الصوفية بأنه قام مغفوراً له عند رب العالمين، ليلة في السنة يحتفل بها معهم ثم يقوم مغفوراً له، ما أسهل ذلك! وليس من تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم الابتعاد عن دينه، ولا الابتداع في دينه، ونحن نعلم بالتاريخ الذي ذكره العلماء متى اخترع المولد الذي أحدثه السلطان المسمى كوكا بوري بن أبي الحسن علي بن باتكين في القرن السادس الهجري، ولا زال العلماء يفتون بتحريمه وينصون على ذلك ممن عرفوا سنة النبي صلى الله عليه وسلم وفقهوا ذلك ولم تنطلِ عليهم الأمور وتختلط.