أيها الإخوة: إن التوبة من أنواع الذنوب، سواء كانت ترك واجبات أو فعل محرمات مثل الاستفراغ والقيء الذي يتقيؤه المريض لإخراج ما في بطنه من أنواع العفن والمواد الضارة بالجسم، وكذلك هي مثل الترياق والدواء المستخدم ضد السموم، هذه لفتة عن أهمية التوبة.
أضف إلى ذلك أن كثيراً من المسلمين لا يتوبون توبة عامة، لكن إذا أذنب ذنباً تاب منه بالذات، فإذا نظر إلى امرأة أجنبية في السوق قال: أستغفر الله وأتوب إليه، لكنه ينسى التوبة العامة غير المرتبطة بذنب معين، وهذه هي التوبة التي كان صلى الله عليه وسلم يكثر أن يتوب منها، وهذه التوبة العامة يغفل عنها حتى الدعاة إلى الله عز وجل، وعن تجديدها في كل حين ووقت.
ألا ترى أن المسلم قد يذنب ذنباً وهو لا يرى أنه قد أذنب! ألا ترى للدعاء الذي يقول فيه المسلم:(اللهم إني أستغفرك مما أعلم ومما لا أعلم) لأننا في كثير من الأحيان نقع في ذنوب دون أن نشعر أننا قد وقعنا فيها.
وكذلك قد يكون الإنسان واقعاً في بدعة من البدع يظنها عملاً صالحاً، ثم يتبين له بعد ذلك أنها عمل غير صالح، وأنها مخالفة لفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله وهديه وسنته، هذا الرجل لا يشعر عندما فعل تلك الأعمال أنه اقترف ذنوباً ليست فواحش ولا كبائر في نظره، لكن بعد ذلك عندما يشعر أنه كان يعبد الله على غير بصيرة في بعض المسائل فهو محتاج إلى توبة من هذه النوعية أيضاً.
وقد يتلطخ الإنسان ببعض أمور الجاهلية وإن نشأ بين أهل علم ودين، وأذكر هذه الملاحظة لكثير من الإخوان الذين يعيشون في بعض البيئات الصالحة، فإنهم بالرغم من معيشتهم في وسط أناس صالحين، وبين أهل علم ودين، إلا أنهم لا يسلمون من الوقوع في بعض المعاصي والتلطخ بها، والشيطان يدخل على الصالحين من عدة مداخل، وقد يدخلهم في أنواع من البدع.
ولذلك لابد من تجديد التوبة حتى لهؤلاء، ولذلك فإننا نقول أيضاً في هذا المقام: إن بعض الصالحين قد يتركون واجبات لا يعلمون وجوبها، وبعد ذلك يكتشف أن هذه الأشياء واجبة، وأنه كان قد تركها في الماضي جهلاً، وليس كل الناس يعذرون بجهلهم، لأننا نقول: الشخص الذي يعيش في بيئة فيها أهل العلم فالواجب أن يسألهم، فكونه يكتشف أنه كان قد ترك واجبات وهو لا يعلم أنها واجبات، ووقع في محرمات وهو لا يعلم أنها محرمات، نقول له: لماذا لا تسأل وتفكر بالسؤال؟ لماذا كنت تسير هكذا مع التيار دون تحقيق وتمحيص؟ أليس هذا قد يكون ذنباً يحتاج إلى التوبة والاستغفار؟