إن الناس -أيها الإخوة- في هذه الأيام يصطلحون على بعض المصطلحات التي قد تكون في الحقيقة يمكن أن يعبر بها عن أشياء من الحق، ولكنهم يفرغونها من مضامينها الصحيحة فتعريف الوسطية عندهم يختلف عن تعريف القرآن والسنة، الوسط في القرآن والسنة: أن تستمسك بالذي أوحي إليك، جاء إليك في القرآن وجاء على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم، إذا زدت عن هذا، فتوضأت أربع مرات، أو تركت أكل اللحم والزواج تقرباً إلى الله، فإنك غالٍ مغالٍ متشدد متنطع، هذه أمثلة صحيحة، لكن أن آتي وأقول لشخص تمسك بالدين، أقول: إن صلاة الفجر في المسجد تزمت وتنطع.
أقول: إن تقصير الثوب وجعله فوق الكعبين تزمتاً وتنطعاً.
أقول: إن إطلاق اللحية بهذا الطول يعتبر تزمت وتنطع.
أقول: إن قيام الليل تزمت وتنطع.
في هذه الحال نعرف ماذا يرمي إليه أولئك أهل الباطل الذين يحرصون دائماً على انتزاع المسميات الصحيحة ليلصقوها بهم ليقولوا للآخرين: نحن الوسط وأولئك أهل غلو، إنهم حريصون على هذا العمل، ولذلك يدندنون حوله كثيراً، وتراهم وتعرف هذا منهم في لحن القول.