[أخذ الله العهد من الأنبياء والمرسلين باتباع النبي صلى الله عليه وسلم إذا ظهر فيهم]
فمن خصائصه عليه الصلاة والسلام، وهي خاصية عجيبة: أن الله عز وجل قد أخذ العهد والميثاق على جميع الأنبياء والمرسلين من لدن آدم عليه السلام إلى عيسى عليه السلام، أنه إذا ظهر النبي صلى الله عليه وسلم في عهده وبعث أنه سيؤمن به ويتبعه، ولا تمنعه نبوته من أن يتابع نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم، وكل نبي أخذ العهد والميثاق على أمته أنه لو بعث محمد بن عبد الله فيهم أن يتابعوه عليه الصلاة والسلام، لا يتبعون نبيهم بل يتبعون محمداً عليه الصلاة والسلام إذا ظهر فيهم، والدليل على ذلك قوله تعالى:{وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ}[آل عمران:٨١] من هو هذا الرسول؟ هو محمد عليه الصلاة والسلام، قال:{قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنْ الشَّاهِدِينَ}[آل عمران:٨١] ميثاق مأخوذ على جميع الأنبياء وعلى جميع الأمم، أن محمداً عليه الصلاة والسلام إذا بعث فيهم أن يتبعوه وأن يؤمنوا به وأن ينصروه، وقال علي رضي الله تعالى عنه:[ما بعث الله نبياً من الأنبياء إلا أخذ عليه ميثاقاً لئن بعث الله محمداً وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه، وأمره أن يأخذ الميثاق على أمته] أمر كل نبي أن يأخذ الميثاق على أمته، لئن بُعث محمد وهم أحياء ليؤمنن به ولينصرنه، ولذلك لما جاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب، فقرأه على النبي صلى الله عليه وسلم، فغضب وقال:(أمتهوكون فيها يا بن الخطاب) التهوك: الوقوع في الأمر بغير روية، وهو التحير أيضاً:(أمتهوكون فيها يا بن الخطاب، والذي نفسي بيده! لقد جئتكم بها بيضاء نقية، لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبوا به أو بباطل فتصدقوا به، والذي نفسي بيده! لو أن موسى -صلى الله عليه وسلم- كان حياً ما وسعه إلا أن يتبعني) رواه الإمام أحمد وحسنه الألباني.
فإذاً: محمد عليه الصلاة والسلام لو وجد في أي عصر لكانت طاعته مقدمة، والإيمان به مقدماً، ومتابعته مقدمة.