ننتقل الآن إلى ثغرة أخرى من الثغرات التي تسدها المرأة المسلمة: وهي قضية التعليم والتدريس.
لا يصلح أن يشتغل الرجال بتعليم النساء على نطاق واسع، ولا يتمكن الرجال من هذا، وليست هناك طاقات كافية لفعل هذا أصلاً، وحال الفتن الموجودة في المجتمع لا تسمح بالتوسع في تعليم الرجال للنساء، بل إن المصيبة الكبيرة في بلدان المسلمين مسألة الاختلاط في التعليم في المدارس والجامعات، وينشأ عن ذلك من العلاقات المحرمة والفتن ما لا يعلمه إلا الله.
وهنا المرأة التي تشتغل في التعليم والتدريس على ثغرة، إذا وجدت في تلك الثغرة فإن عليها مسئولية؛ وهذه مسئولية شائكة ومعقدة؛ نظراً للمستوى المتدني في الدين والخلق الذي صارت عليه الفتيات والطالبات اليوم في المدارس، والمرأة في التدريس لا شك أنها بادئة ذي بدء يجب عليها أن تتأكد من سلامة الموقع والموقف، وأن تتأكد أن عملها في هذا المجال لا يفوت عليها واجباتٍ أهم كالزوج والأولاد والبيت، فإذا لم تكن بذات زوج، أو كان لا يتعارض عملها مع المصالح العظيمة التي أمر بها الشارع في الاهتمام بالزوج والأولاد والبيت، فعملت في قطاع التدريس مثلاً؛ فإن عملها في هذا القطاع هو محاولة بالقيام بسد شيء من الثغرة الكبيرة الموجودة في عالم تدريس البنات، لأن تدريس البنات في هذا الزمان قد انتشر، وصار الإيمان عند الجميع بأن البنت يجب أن تدخل المدرسة وتتعلم، وتدرس المواد المختلفة ولو كانت تشابه المواد التي يدرسها الرجل، ولو كانت لا تحتاج إليها في حياتها؛ كالمعادلات، والرياضيات، والكيمياء، والفيزياء ونحو ذلك من الأشياء، والمرأة قد لا تستطيع أن تغير نظام التعليم ولكن ينبغي عليها تكثيف المطالبة بما يناسب البنات من المناهج الدراسية، وكتابة الملاحظات الملخصة على المناهج الموجودة، والمطالبة بالتعديل، والنصح في الله سبحانه وتعالى من أجل الوصول إلى مستوى أفضل في قضية نوعية المناهج التي تقدم إلى البنات والفتيات في المدارس، والمعلمة في المدرسة لا شك أنها على ثغرة من عدة جهات: فمنها: وجوب أن تكون قدوة؛ وكثير من المعلمات في المدارس يلبسن الكعب العالي، ويضعن العطورات، ويجعدن الشعر، ويلبسن ما يحسر عن القدمين، وغطاء شفاف، ومكياج، ثم يأمرن الطالبات بالالتزام بالحجاب الشرعي وتعليمات إدارة تعليم البنات ونحو ذلك!! ونتساءل ونقول: من أين ستنفذ الطالبات هذه التعليمات؟ وكيف ستكون الطاعة والالتزام إذا كانت الآمرة الناهية لا تأتمر بأوامر الشريعة ولا تنتهي عما نهى الله عنه؟ ولا شك أن انحدار مستوى البنات في المدارس من أسبابه: عدم وجود القدوات من المعلمات الصالحات بالشكل الكافي في المدارس، ولو استعرضت في عدد المدرسات في المدارس عن المتمسكات بالدين منهن لما زلنا نحس بالقصور الكبير في هذا الجانب.
وكذلك فإن عدداً من هؤلاء المدرسات لا يتعدين المنهج من جهة تقديمه، وأحياناً بغير إخلاص في التدريس، ولكن المقصود: أن تقديم المواد الجامدة من غير توجيه شرعي ومتابعة إسلامية هو قصور في وظيفة المعلمة في المدرسة، فإن كثيراً من البنات يحتجن إلى رعاية وتوجيه، أشد من الحاجة لشرح المادة ذاتها، والمعلمة يجب أن تعطي من وقتها ما تقدم به لدينها، أما أنها تأتي وتلقي الدرس وتأخذ راتباً في آخر الشهر فلا أظن أن هذا إخلاص وقيام بواجب الدين في المدرسة، ستلاحظ أن فلانة من الطالبات تصرح بأنها لا تصلي، وإذا سئلت تقول: لماذا أصلي وأنا الأولى دائماً في الفصل؟ وعلى النقيض من ذلك؛ قالت بنت ذات مرةٍ بعد خروج النتائج النهائية وعرفت أنها رسبت: لماذا أصلي وقد رسبت؟ فسأترك الصلاة، وبعض الطالبات ربما يصرحن بالشك في دين عقيدة المسلمين، ويقلن: ما يدرينا أن الإسلام هو الحق، وقد يكون الحق مع اليهود أو النصارى، فلا بد أن نعرف عقيدة أولئك القوم ونحو ذلك، وكثير من الأشياء التشكيكية تأتي عبر قراءة المجلات المنحرفة الموجودة بين أيديهن مما يصل إليهن من خلال ما تقذفه المطابع المختلفة في أنحاء العالم شرقاً وغرباً من أنواع الفساد المسطر والمصور في هذه المجلات والمنشورات، وهذا بالنسبة للفساد العقدي أو الفساد من جهة الأركان.
وأما الفساد من جهة الخلق والعلاقات المحرمة مما يحدث في الهواتف، والخروج مع الأجانب، والحجاب، أو الثياب اللاتي يرتدينها، أو تعاطي المواد المحرمة، فهذا أمرٌ كثيرٌ جداً، ولذلك فإن المرأة المعلمة المسلمة تشعر فعلاً بأن هناك مسئولية كبيرة، وأن مواجهة هذا الفساد لا يعين عليه إلا الله، والمنكرات الموجودة في أوساط الطالبات، منها: الإعجاب بالممثلات والمغنيات، بل عشق صور اللاعبين وتشجيع الفرق، ونحو ذلك، لا شك أنه شيء سيئ جداً يحتاج إلى مقاومة كبيرة تغرسها هذه المعلمة في نفوس الطالبات، وتقرير مبدأ الولاء والبراء في نفوس الطالبات، فتكره الطالبة كل كافرٍ وكافرة، وتحب كل مسلم ومسلمة، وتشعر بالولاء لدين الله ولمن سار على هذا النهج، وتشعر بالعداء والكره والبغضاء لكل من يعادي هذا الدين ولو كان جميل الصوت أو جميل الخلقة ونحو ذلك.
وتمشي هذه المعلمة بالعدل بين الطالبات، فلا تعامل واحدة معاملة خاصة بدون سبب شرعي، وكذلك فإنها تعدل في الدرجات والامتحانات ونحو ذلك.
ومن الأمور المهمة التي تفشت بين الطالبات والتي ينبغي على المعلمات الانتباه لها والقيام بمعالجتها: مسألة العشق والتعلق الحاصل عند بعض البنات في المدارس، ومسألة الإعجاب الذي يبدأ بالإعجاب وينتهي بالعشق.
إعجاب فتعلق فعشق يضاد التوحيد، وقد يوقع في الشرك والكفر والعياذ بالله، عندما تصرح مثلاً بأن علاقتها محبة فلانة حب عبادة، ونظرات حارة وخطابات ومكاتبات وكلام ونحو ذلك، وتصريح أحياناً يصل إلى درجة الوقاحة لقضية التعلق بالمعلمة وأنها وراءها ووراءها لن تتركها ونحو ذلك، فهنا يجب أن يكون العلاج حاسماً، وأن تكون المعلمة على مستوى فهم المشكلة، تفهم المشكلة ويكون عندها خبرة من خلال القراءة والممارسة والتفكير والسؤال بكيفية العلاج، وإيقاف هذه القضية عند حدها؛ لأن هذه المسألة لها علاقة بالعقيدة، وتؤدي إلى أن تصبح في محبتها لغير الله أشد من محبتها لله.
وكذلك فإننا نغادر هذه النقطة لننتقل إلى نقطة أخرى، وهي: المرأة في ثغرة الأمومة والأولاد.