ولذلك قال عليه الصلاة والسلام:(يتبلى المرء على قدر دينه؛ إن كان في دينه رقة خفف له في البلاء، وإن كان في دينه قوة ضوعف عليه البلاء) وقد جاء في الصحيحين من حديث كعب بن مالك قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع، تفيئها الريح تصرعها مرة وتعدلها مرةً حتى يأتي أجله، ومثل المنافق كمثل الأرزة المجذية التي لا يصيبها شيءٌ حتى يكون انجعافها مرة واحدة) أي كالشجرة الصلبة القوية؛ شجرة الأرز التي لا تنكفئ ولا تنثني حتى يكون انقلابها مرة واحدة.
ولكن لا يعني ذلك أنه يغفل عن الكفار، ولا أنه لا ينعم على المؤمنين، بل ينعم هؤلاء ويبتلي أولئك، ولكن البلاء في أهل الدين أكثر، كما أن النعيم في أهل الشقاء والكفر أكثر، يهذب المسلم فيأنس بالمتاعب والمصاعب، ويتلقاها بالرضا والصبر والاحتساب؛ راجياً أن تكون له خيراً عند ربه، ولا يتمنى ما للآخرين فيحسدهم، ولا يسكن إلى السلامة والنعم، بل لو جاءته يتلقاها في خوفٍ وحذر ويخشى أن تكون استدراجاً من الله، فترغب نفسه في تصريفها في سبيل الله، فلا يبخل ولا يركن إلى الراحة، ولا يعجب بما أوتي، ولا يستكبر ولا يغتر.