للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حقيقة الدنيا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم]

أيها المسلم: وصية لك من النبي صلى الله عليه وسلم، تحملها ثنايا هذه العبارة الموجزة الجامعة من جوامع الكلم التي أوتيها نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، قال ابن عمر: أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بمنكبي وقال: (كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل) كن في الدنيا: هذا إرشاد من النبي صلى الله عليه وسلم يبين لك الحال التي ينبغي أن تكون عليها في الدنيا: (كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل).

هذا الحديث أصل في قصر الأمل في الدنيا، وأن المؤمن لا ينبغي له أن يتخذ الدنيا وطناً ولا مسكناً، ولا يطمئن إليها، ولكن ينبغي أن يكون فيها كمن كان على جناح سفر، يهيئ جهازه للرحيل: (ما لي وللدنيا؟ إنما مثلي ومثل الدنيا كمثل راكب قال في ظل شجرة -قيلولة- ثم راح وتركها) هكذا أوصانا صلى الله عليه وسلم.

هذا ما ينبغي أن يكون عليه حالنا في هذه الدنيا، ينبغي أن يعتبر بهذا الحديث التاجر الذي تعلق قلبه بتجارته، وصاحب المال الذي تعلق قلبه بماله، وصاحب المنصب الذي تعلق قلبه بمنصبه، وصاحب القصر الذي عمره وزخرفه ونقشه، هكذا ينبغي أن يكون حال كل واحد منا ممن أوتي شيئاً من الدنيا ألا يغتر به، وأن يعلم أن الرحيل حاصل حاصل -يا عباد الله- ولكننا غافلون لا تذكرنا إلا أخبار موت فلان أو موت فلان ممن حولنا من الناس أو من الأقرباء، اعتبروها ولا تعمروها، اعمروها بطاعة الله ولكن لا تعمروا بطول الأمل والزخارف والزينات

من الذي يبني على موج البحر داراً تلكم الدنيا فلا تتخذوها قراراً