لم يرض الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا الحكم الجاهلي الذي ابتدعه هذا الرجل، واتفق عليه هو وصاحبه، وكثير من الناس اليوم يتراضون فيما بينهم بأحكام لم ينزل الله بها من سلطان، ويعرضون عن القرآن والسنة، وينسون حق الله بالحدود.
رجل يزني بامرأة رجل آخر، ثم يقول له: ما الذي يرضيك حتى أدفعه لك؟! أين حكم الله؟ هل هذا هو حكم الله؟!! التعويضات المالية في عملية الزنا هي حكم الله؟! لا والله.
لذلك كان من محادة الله تعالى ومعاداته ما يقع في تشريعات كثيرٍ من البشر اليوم أنهم قالوا: لو أن رجلاً زنا بامرأة وهي راضية برضاها وهو راضٍ، فلا شيء عليهما، لماذا؟ قالوا: لأنهما رضيا كل منهما راضٍ بالزنا، فلا شيء عليهما، تعالى الله عما يقول الكافرون علواً كبيراً.
ويأتي رجلٌ آخر يقول: أنا أتفق مع البنك على الربا أنا راضٍ وهو راضٍ بالربا، كلنا راضين، لا أحد مكره على هذا، إذاً الربا حلال، لماذا؟ لأنني أنا راضٍ والطرف الآخر راضٍ أيضاً، هذا هو عين الكفر هذا هو عين الوقوع في محرمات الله تعالى، إذا كنت أنت راضٍ وهي راضية، فهل رضي الله عزَّ وجلَّ عن هذا الأمر الذي ستقدم عليه وتفعله؟ كثيرٌ من الناس يحتجون بمبدأ الرضا في العقود حتى ولو كانت مخالفة لشرع الله تعالى، وهذا- أيها الإخوة- خطرٌ عظيمٌ جسيمٌ يهدد الأمة ويسلخها سلخاً عن دين الله، ويبعدها إبعاداً كبيراً عن أحكام الله وشرائعه.
إذا كنت راضياً والطرف الآخر راضٍ، والله لم يرض عن هذا العمل، وقال الله في كتابه:{إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاءَ سَبِيلاً}[النساء:٢٢] أو قال في كتابه أنه يحارب من يفعل هذا الفعل، ثم أنت تقول: أنا راضٍ والطرف الآخر راضٍ، فنحن نقدم على هذا الفعل، ما دام أنه لا أحد مكره، فإن الله لا بد أن يحاربك، ولا بد أن ينتقم منك، وقد ينتقم في الدنيا قبل الآخرة.
لا بد- أيها الإخوة- من الاحتكام إلى القرآن والسنة وتطبيق الحدود، وعدم المساومة عليها بالأموال، وعدم التراضي، إذا وصل الحد إلى القاضي أو الإمام، فلا يجوز التراجع عنه مطلقاً، لا بد من الاحتكام إلى كتاب الله تعالى.
أين حق الله الذي ضيع في كثيرٍ من الحدود التي يقع فيها الناس اليوم؟ الحدود والمحرمات التي يقترفونها يتحاكمون فيها إلى من؟ يجب العودة إلى الكتاب والسنة.
أيها الإخوة المسلمون! وفقني الله وإياكم لتحكيم شرع الله في أنفسنا، والعودة إلى القرآن والسنة، تطبيقهما في واقعنا، ونسأل الله أن يعصمنا وإياكم من الإشراك به، أو تحكيم غير كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، والله تعالى أعلم.