[واقع الأمة المزري]
فإذا ذهبت تنظر يا أخي في واقع الأمة فيما أصابها من الشرك الأكبر فضلاً عن الشرك الأصغر، لوجدت ذلك منتشراً معشعشاً.
وإذا نظرت في قضية البدع، لوجدت أموراً لا يحصيها إلا الله.
وعلى مستوى التفكك الأسري طلاق، ومهاجرات، وخصومات، وقضايا، وتشرد أولاد، وعدد كبير من حالات الانحراف في الفتيات وفي الأولاد في البيوت المفككة.
فلانة أبوها طلق أمها ثم انتقلت إلى بيت جدتها، الرقيب ضعيف، فانحرفت البنت.
وأخرى أبوها طلق أمها، ثم عاشت في بيت زوج أمها، لم تجد الرعاية، فانحرفت البنت، وانتقلت إلى بيت خالها، فحصل السوء، وهكذا التفكك يولد الفجور.
وعلى مستوى الانحطاط الأخلاقي هناك أفلام وقنوات، وفحش في الأطباق الفضائية وأناس تستأجر شقة مفروشة بخمسين ريالاً في الليلة إلى الصباح ليسهروا على القنوات التافهة التي تأتي بها أجهزة مركبة على الصحون الفضائية، واشتراكات في القنوات ومواقع على شبكة نسيج العنكبوت الإنترنت، ودسكات كمبيوتر متداولة بأيدي المراهقين في المدارس المحملة بالأشياء القذرة حتى في شهر رمضان، والبريد الإلكتروني يرسل الفحش، وأشياء منتشرة كانتشار النار في الهشيم.
ما الذي يصلح هذا الحال؟ قيام دعوة إلى الله بقوة لإصلاح الخلق ودعوتهم إلى الله بترقيق قلوبهم، وتذكيرهم ووعظهم.
وترى التشبه بالكفار أمراً منتشراً متفشياً قد يصيب البعض باليأس، فقد دخلت داعية من الداعيات إلى مسرح مدرسة لإلقاء كلمة في الطالبات، فهالها وأصابها الإحباط أن كل ما رأت بعينها كان أحمر اللون، الطالبة التي ليست معها وردة حمراء معها شال أحمر، أو قفاز أحمر، أو حقيبة حمراء، أو منديل أحمر، لماذا هذا؟ عيد الحب، انتهت الورود الحمراء من المحلات في ليلة، إنها مصيبة وكارثة، البنات في المتوسطة يقلدنَ الكفار في عيد الحب.
إن انتشال هؤلاء وإصلاح الأوضاع بحاجة ماسة إلى دعاة، الوضع يحتاج إلى حركة في الدعوة إلى الله، وإصلاح المجتمع، وإصلاح الخلق، وبذل الجهد في هذا، ما أسهل الهدم! وما أصعب البناء! والإنسان الداعية يأخذ أجر من اتبعه على الهدى الذي يدعو إليه إلى يوم القيامة، ولو تسلسل الناس الذين تعلم كل واحد من الآخر.
ثم الداعية من فضله قد ينتج شخصاً أفضل منه، قد يكون داعية يدعو أحد الناس، وهذا الشخص يتفوق على الداعية مستقبلاً في العلم والقدرات والإمكانات ونصرة الدين، ولكن ذلك الأول مع أنه أقل في الإمكانات، لكنه لما أنتج هذا وهذا وهذا، سيكون له شيءٌ عظيمٌ من الأجر.
ويقول أبو سليمان الداراني: اختلفت إلى مجلس قاص، واعظ، فأثر كلامه في قلبي، فلما قمت، لم يبق في قلبي منه شيء، فعدت إليه ثانيةً، فأثر كلامه في قلبي بعدما قمت وفكرت، ثم عدت إليه الثالثة، فأثر كلامه في قلبي حتى رجعت إلى منزلي، فكسرت آلات المخالفات، عود، وطنبور، وربابة، ومزمار، وطبل، والآن الشاشات والأفلام.
أحد الشباب حضر جنازة عظيمة لامرأة نحسبها من الصالحات، فلما رأى كثرة الناس اتعظ من منظر الجنازة وهو ذاهب إلى المقبرة أخذ أشرطة الغناء من السيارة كلها وألقاها في الشارع.
فالإنسان قد يتأثر فعلاً ويتعظ في لحظات، يقول أبو سليمان: أول مرة كان التأثير ضعيفاً، وفي المرة الثانية حصل التأثير في الشارع، وفي المرة الثالثة رجعت إلى منزلي فكسرت آلات المخالفات، ولزمت الطريق المستقيم، فحكيت هذه الحكاية لـ يحيى بن معاذ بعد سنين أي عندما صار أبو سليمان رجلاً مشهوراً ومعروفاً بالزهد والورع والعبادة والذكر، قال يحيى: عصفورٌ اصطاد كركياً -يبدو أن الكركي هذا نوع نادر ونفيس من الطيور- فقال: عصفورٌ اصطاد كركياً، أي: يقول: انظر سبحان الله! هذا القاص مثل: العصفور، لكن اصطاد لنا هذا الشخص العظيم.
فالداعية له أجر وفضل، فليحرص الدعاة على دعوة الخلق وإنتاج الصالحين؛ لأنهم إذا بثوا في المجتمع، حصل نفعٌ كبيرٌ.