أما الجيران, وما أدراك ما الجيران، وماحق الجار؛ فإن الشأن عظيم والتقصير والتفريط كبير، فعن ابن عمر قال:[لقد أتى علينا زمان -أو قال حين- وما أحد أحق بديناره ودرهمه من أخيه المسلم] كله إيثار لا أحد يرى أنه أحق بماله من أخيه فالمال للجميع، ثم يقول ابن عمر:(ثم الآن الدينار والدرهم أحب إلى أحدنا من أخيه المسلم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كم من جار متعلق بجاره يوم القيامة، يقول: يا رب! هذا أغلق بابه دوني فمنع معروفه، والله تعالى يمنع عنه المعروف يوم القيامة بما منع المعروف عن جاره) وأوصى أبا ذر، قال: أوصاني خليلي بثلاث فمنها: (يا أبا ذر! إذا طبخت مرقة فأكثر ماء المرقة وتعاهد جيرانك أو أقسم في جيرانك).
فبمن يبدأ؟ تقول عائشة رضي الله عنها قلت:(يا رسول الله! إن لي جارين فإلى أيهما أهدي؟ قال: إلى أقربهم منك باباً) وعن الحسن أنه سئل عن الجار: منهم الجيران وإلى أين ينبغي أن يكون الفضل؟ -إلى كم من الجيران؟ - فقال الحسن رحمه الله: أربعين داراً أمامه، وأربعين خلفه، وأربعين عن يمينه، وأربعين عن يساره.
وأما إيذاؤه فشنيع وعظيم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:(قيل للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله! إن فلانة تقوم الليل وتصوم النهار وتفعل وتتصدق ولكنها تؤذي جيرانها بلسانها، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: لا خير فيها هي من أهل النار).
وعن أبي هريرة قال:(قال رجل: يا رسول الله! إن لي جاراً يؤذيني فقال: انطلق فأخرج متاعك في الطريق، فانطلق فأخرج متاعه فاجتمع الناس عليه قالوا: ما شأنك؟ قال: لي جار يؤذيني -أي: أنه ما أطاق البقاء في بيته وأخرج المتاع إلى الشارع- فجعلوا يقولون: اللهم العنه، اللهم أخزه -يدعون على جاره اللهم أخزه- فبلغ الجار ما يفعل الناس، فأتاه فقال: ارجع إلى منزلك فوالله لا أؤذيك) اتعظ وارتدع ورجع إلى الإحسان.
وكان ثوبان يقول:[ما من جار يظلم جاره ويقهره حتى يحمله ذلك على أن يخرج من منزله إلا هلك] وكم من الناس اليوم غيروا سكنهم وخرجوا من بيوتهم بسبب جيرانهم فكان أذى الجار حاملاً لهم على الخروج من المسكن، وتغيير البيت من أجل أذى الجار.
وربما انتقل إلى بيت إيجاره أعلى، أو بيت أضيق من أجل الهروب من جاره، ومن أجل أذى الجار.