ما هي صفات الوقت الضائع؟ وكيف تحس أن هذا وقت ضائع؟ الوقت الضائع في غير فائدة هو الوقت الذي تحس بعد مضيه بشعور سيئ، مثل: النظر إلى التلفزيون، فأنت قد تكون سعيداً ومبسوطاً وفرحاناً وأنت تنظر وتستمتع إلى هذه البرامج، لكن بعد انتهاء البث وإغلاق هذا الجهاز، سيحدث عندك شعور بالضيق، ولذلك ليست السعادة في أن يتلهى الإنسان.
وانظر إلى أحوال الناس الذين يلهون بالنظر إلى التلفزيون ويقرءون هذه المجلات الفارغة التافهة، ويلعب من هنا وهنا، ومع ذلك يفكر إنه مبسوط في أثناء اللعب واللهو، لكنه بعد اللعب واللهو يصبح متضايقاً ولا يدري ماذا يفعل؟ لكن المسلم حاله:(أرحنا بالصلاة يا بلال) لا يرتاح فقط أثناء الصلاة لكنه يرتاح بعد أداء الصلاة، أما أولئك فتجد عندهم من الإمكانيات في بيوتهم وفي سفرياتهم أشياء عجيبة، لكنه يرجع من السفر متضايقاً جداً؛ لأنه انبسط أثناء اللهو لكن بعد اللهو يشعر بالضيق.
يقول أحد الكتاب الأمريكيين: إن (٩٥%) من برامج التلفزيون لا يختلف العقلاء أنها مضيعة للوقت، فإن قلت لي: كيف أستغل وقتي؟ أقول لك: هناك بعض المشاوير التي لابد منها، وبعض فترات الانتظار ليس من سبيل إلى التخلص منها، مثلاً: مسافة الطريق أثناء السفر بالطائرة أو بالسيارة والانتظار أمام عيادة الطبيب هذه فترات انتظار ضائعة انتظار لابد منها، فعندما ترى بعض الناس المخلصين الواعين يستغلون أوقات السفر مثلاً في سماع الأشرطة الإسلامية المفيدة؛ فإنك تعرف أن هؤلاء عقلاء يعرفون كيف يستغلون أوقاتهم، يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الحسن:(ما من راكب يخلو في مسيره بالله وذكره إلا كان ردفه ملك، ولا يخلو بشعر ونحوه -من هذه الأهازيج والأغاني- إلا كان ردفه شيطان) معه طيلة الطريق.
ويفرح المرء المسلم عندما يركب طائرة، فينظر إلى إخوان له لا يعرفهم، قد فتح بعضهم مصحفاً، وبعضهم يقرأ في كتاب علم، بينما الفساق والبطالون ينظرون إلى المحرمات ويتأففون ويذهبون بأبصارهم يميناً وشمالاً وينظرون في ساعاتهم، انظر هذا يقرأ القرآن ويستغل وقته أثناء السفر في الطائرة أو معه كتاب علم يفتحه، انظر الآن بعض الغربيين عندهم كتاب اسمه كتاب الجيب، فتجدهم دائماً يأخذونه معهم، كذلك نحن المسلمين نحتاج إلى تطوير كتاب الجيب الإسلامي؛ حتى يستغله المسافرون والذين ينتظرون في الأماكن العامة فيستفيدون من وقتهم بالقراءة.
وعندما تجد رجلاً عند عيادة الطبيب في المراجعات أو في المطار ينتظر وصول قادم أو ينتظر في صالة المغادرة لمسافر تجده قد فتح كتاباً أو يسمع شيئاً مفيداً؛ فإنك تحس أن هذا الرجل يعرف قيمة الوقت ويحسن استغلاله، أو على الأقل يفتح ورقة يبسطها على طاولة الطائرة مثلاً ويدون فيها أفكاراً مهمة، أو يحضر فيها موضوعاً يريد أن يفيد به مسلمين آخرين، أو على الأقل يدون أسئلة خطرت في ذهنه حتى إذا جلس مع أهل العلم سألهم إياها لئلا تضيع من ذهنه.
وأنت يا أخي المسلم تعجب من بعض الكفار حينما تراهم في الصباح يجرون أو يقودون الدراجة، تجده يضع في أذنيه سماعات مشبوكة بمسجل صغير يسمع فيها موسيقى "الإف إم" مستغلين بذلك أوقاتهم.
ولقد سمعت مرة من الإخوة يقول: وأنا أقلب المذياع وقعت على جزء من مقابلة مع موسيقار مشهور يقول في المقابلة: إنه تعرض لي أحياناً وأنا أسير في الطريق أو وأنا أركب الحافلة في ذهني لحن معين فيقول: كي لا أضيع هذا اللحن مني أو أنساه؛ فإنني أصطحب معي مسجلة صغيرة في جيبي أسجل ذلك اللحن مباشرة قبل أن أفقده.
إذا كان هؤلاء التافهون يصل بهم استغلال الوقت في الأمور السيئة إلى هذه الدرجة؛ فنحن أصحاب الرسالة أولى وأحرى من هؤلاء الفارغين.