رجل العقيدة لا يُنتسب إلى أحد غير الله ورسوله، كما قال ابن القيم رحمه الله: وأهل هذه الغربة هم أهل الله حقاً، فإنهم لم يأووا إلى غير الله، ولم ينتسبوا إلى غير رسوله صلى الله عليه وسلم، ولم يدعوا إلى غير ما جاء به، ومن صفات هؤلاء الغرباء: ترك الانتساب إلى أحد غير الله ورسوله لا شيخ، ولا طريقة، ولا مذهب، ولا طائفة، بل هؤلاء الغرباء منتسبون إلى الله بالعبودية وحده، وإلى رسوله بالاتباع لما جاء به وحده، وأكثر الناس لاهم لهم.
إذاً: المسلمون يجمعهم طريقٌ واحد ليس له ثانٍ؛ طريق أهل السنة والجماعة وهو طريق أهل الحديث سماهم أئمة السلف هكذا، سموهم أهل السنة والجماعة تمييزاً لهم عن أهل البدعة، وسموهم بأهل الحديث تمييزاً لهم عن الذين يحكمون عقولهم وآراءهم في النصوص.
قال الإمام أحمد عن الطائفة المنصورة: إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم.
كل تسمية مخترعة مهما كان الذي اخترعها، ومهما كان عدد الذين ساروا عليها، فكلها تسميات مبتدعة، يُقصد منها تفريق صفوف المسلمين؛ المسلمون ليس لهم جماعة إلا جماعة واحدة وهم أهل السنة والجماعة؛ عقيدتهم معروفة لم تختلف على مرَّ العصور، وأعمالهم وأخلاقهم معروفة، وطريقتهم في الدعوة معروفة، ومفاصلتهم للكفار معروفة، وكل شيء واضح في القرآن والسنة، وعلماء المسلمين يوضحون هذا الطريق لمن يسير إليه فقط، ليست هناك تسميات وأحزاب وطوائف، وإلا فقل لي: ما الذي أخر مسيرة الدعوة الإسلامية الآن إلا هذه التحزبات والتفرقات؟! هذا من الطائفة الفلانية، وهذا من الطائفة الفلانية.
يا أخي! أين أنت من جماعة الرسول صلى الله عليه وسلم؟! ماذا كانوا يسمون أنفسهم؟! ليس لهم إلا أوصاف: الطائفة المنصورة، الفرقة الناجية، لكنهم هم أهل السنة والجماعة الذين اجتمعوا على هذه السنة فقط، ولذلك فإن من المدهش أحياناً أنك تجد اثنين من المسلمين ليس بينهم فرق في التصورات، لكن هذا يطلق على نفسه اسم كذا، وهذا يطلق على نفسه اسم كذا، وهذا موجود -فقط الاسم- هذا رافع لشعار، وهذا رافع شعار لماذا يا أخي؟ ألسنا أمة واحدة؟!! أليس إبراهيم سمَّانا المسلمين؟!! لماذا نتفرق؟!! ما هي المشكلة؟ أن كل أحد ينتسب إلى طائفة يسميها بأسماء ليست شرعية، فيوالي لها، ويعادي عليها، ويتعصب لها، ويدافع عنها بالحق والباطل.