ومن الأمور المهمة في الأولويات: الاعتناء بعلوم الآلة، وهي العلوم التي يتوصل بها إلى فهم الشريعة، وسائل وأدوات ليست غاية في نفسها، لكنها وسيلة لفهم القرآن والسنة، مثل: اللغة العربية، ومصطلح الحديث، وأصول الفقه، وقواعد التفسير، وعلوم البلاغة والمعاني والبيان، هذه علوم الآلة.
وعلوم الآلة لها مختصرات ومتون جمعها العلماء، فمثلاً: لو أخذت في اللغة العربية، ستجد مثلاً ملحة الإعراب، أو الآجرومية هذه من أشهر الأشياء التي يبدأ بها في اللغة.
وإذا جئت إلى الحديث ستجد مثلاً نخبة الفكر أو البيقونية، لو جئت إلى الأصول ستجد مثلاً متن الورقات وهناك بعض الكتب جمعت هذه المتون، وطبع بعضها حديثاً، وقد جمع السيوطي رحمه الله متوناً كثيرة في كتاب النُقاية، وشرحه في كتاب الوقاية لقراء النُقاية، لكن هذا مطبوع على هامش كتاب مفتاح العلوم للسكاكي، والعقيدة فيها أيضاً أشياء في البداية.
في بعض البلدان مثل اليمن متونهم في الآلة تختلف عن الجزيرة والمغرب، فإذا أخذت حلقة من حلق العلم الموجودة عند العلماء في هذه الجزيرة مثلاً، لوجدت أنهم يهتمون في البداية بمختصر آداب المشي إلى الصلاة في الفقه، والأربعين النووية في الحديث، والأصول الثلاثة في العقيدة، ثم كتاب التوحيد، وأيضاً في الفقه يبدءون بـ عمدة الفقه لـ ابن قدامة، وفي أحاديث الأحكام يبدءون بـ عمدة الأحكام لـ عبد الغني المقدسي، وفي الفرائض يبدءون بـ الرحبية، وفي اللغة العربية يبدءون بـ الآجرومية وهكذا، فهذا ملخص جدول لحلقة من حلق طلاب العلم المتخصصين في العلم في الجزيرة.
وإذا أتقن طالب العلم في البداية هذه الأشياء الأصول الثلاثة، والأربعين النووية حفظاً وشرحاً، وكتاب التوحيد، وعمدة الأحكام في أحاديث الأحكام، وعمدة الفقه في الفقه، والآجرومية في اللغة، والرحبية، والورقات في أصول الفقه، فهذا قد أسس نفسه واستعد للانطلاقة الكبرى، هذا فعلاً طالب علم في بداية طريقه التي يشقها بثبات، ويسير فيها بقوة.