وأما التنابز بالألقاب الذي نهى الله عنه في القرآن فقد أخرج الترمذي في سننه وغيره عن أبي جبيرة بن الضحاك قال:(كان الرجل يكون له الأسماء الاثنان والثلاثة، فيدعى ببعضها، فعسى أن يكره) كان الجاهليون يسبون بعضهم ويلقبون بعضهم بألقاب سيئة، فعسى أن يكره عندما ينادى بعدما دخل في الإسلام، فنزلت هذه الآية {وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ}[الحجرات:١١] ولذلك روى أبو ذر رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من دعا رجلاً بالكفر أو قال: يا عدو الله! وليس كذلك إلا حار عليه) رواه مسلم.
فهذا من الألقاب (يا عدو الله) هذا لقب سيئ، أو يا كافر ونحو يا فاجر، فإذا لم يكن المنادى هكذا رجع الاسم على المنادي وحار عليه.
ومن الألقاب ما يكون فيه نوعٌ من العيب، مثل يا أعرج، يا أحول، يا أعمش، يا أفطس، ونحو ذلك، فهذا من هذا الباب منهيٌ عنه بنص الآية {وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ}[الحجرات: ١١] إلا في حالة واحدة نص عليها أهل العلم: إذا كان الرجل لا يعرف ولا يميز إلا بهذا اللقب، فإنه يجوز للتعريف، كأن تحتار في كيفية وصف إنسان لآخر فتضطر أن تقول له: هو الرجل الذي في رجله عرج، أو هو الأعرج، فيتميز من الواصف للموصوف، فإذا كان ليس على سبيل التنقص فلا بأس بذلك، كما ورد في صحيح مسلم عن عبد الله بن سرجس قال:[رأيت الأصلع يقبل الحجر] وفي رواية: [رأيت الأصيلع يقبل الحجر] يقصد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فإنه قصد تمييزه وتعريفه لا عيبه وذمه وانتقاصه.