الحمد لله الذي لا إله إلا هو وحده لا شريك له، لم يتخذ صاحبةً ولا ولداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا أشرك به أحداً، وأشهد أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين نصروا دينه، ورفعوا كلمة الله، وجاهدوا في سبيل الله، اللهم ارض عنهم يا أرحم الراحمين، وارض عمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
عباد الله: لا يرجى من الكفار نصرٌ للمسلمين، فلماذا ينصرونهم؟ لا يرجى منهم نصرٌ والله، ومهما كان من الأسباب فإنما هي تمثيليات أو خلافات بين الكفار، أما أن يقصد الكفار نصر المسلمين، فذلك في عالم الأحلام، وحتى في عالم الأحلام قد لا يقع، فإنه لا ينصر المسلم إلا أهل الإسلام، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك في سنته.
عباد الله: إن من المصائب العظيمة فقد الهوية الإسلامية والانتماء لهذا الدين، وهذا شيءٌ قد حصل عند كثير من الشعوب التي كانت ترزح تحت الشيوعية وغيرها، فقد فقدت هويتها الإسلامية، ولم يعرف الكثير من أبنائها حقيقة الانتماء إلى هذا الدين، فهم يرجون النصر من شرقٍ ومن غرب، ولعله لأجل أنهم لا حيلة لهم، وبعضهم ينتظر من الشرق والغرب لأنه لم يجد يداً تمتد إليه من المسلمين، ولكن القضية الأساسية الخطيرة فقد الهوية الإسلامية، عندما لا يشعر المسلم بالانتماء إلى الإسلام الذي يوجب عليه ألا يوالي الكفار، وأن يتميز عن الكفر، وأن يرفع راية الإسلام واضحةً، فإنه إن لم ترفع راية إسلامية واضحة ضاعت المبادئ، وذلك من الأخطاء التي يقع فيها بعض أهل كوسوفا، لقد ضاع المسلمون فيها بين منافقٍ عظيم، وبين بعض الذين لم يرفعوا لواء الإسلام، وإنما رفعوا في قتالهم لواء العنصرية القومية، وقالوا: إن الحرب ليست دينية، فضاعت الأمور.
كيف سينصرهم الله في هذا الحال؟ إنها مصيبة عظيمة أن تفقد القضية الراية الحقيقية الصحيحة، إنها أكبر مصيبة ابتلي بها أهل ذلك الإقليم، وانتظار النصر من الكفار أمرٌ غير ممكن، قال الله عزَّ وجلَّ:{الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً}[النساء:١٣٩] فليس عند الكفار عزةٌ للمسلم، وإن تظاهروا بنصرتهم فإما أنه خداع وتمويه، وإما أنه لمآرب أخرى عند الكفار، ليس من بينها أبداً نصرة للمسلمين، فقد يكون لخلافات بينهم أو أطماع، أو إرادة تسلط بعضهم على بعض، لكن لا يمكن أن يكون منها نصرة الإسلام وأهله مطلقاً، ونحن نعلم ذلك من الكتاب والسنة.