بعض الناس يقولون في سبب عدم التنفيذ: إن الحكم فيه مشقة وتعب، سواء كان فعل واجب أو ترك محرم.
وهل يظن هذا أن الجنة رخيصة، وأن طريقها مفروش ومعبد وميسور لا مشقة فيه ولا عوائق؟ إذاَ: ً كيف ستحصل المجاهدة، والجهاد إنما هو جهاد النفس أولاً؟ كيف سيحصل جهاد النفس المؤدي إلى الجنة والذي يتفاوت الناس فيه، فيتفاوتون في مراتب الجنة؟ كيف سيحصل الجهاد إذا لم توجد مشقات في الأحكام؟ كيف ستحصل المجاهدة إذا لم توجد مشقة في صلاة الفجر تُبيِّن الطائع من العاصي، والمجاهد من غير المجاهد؟ أليست هي حجة المنافقين بعينها:{لَوْ كَانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قَاصِداً}[التوبة:٤٢] لو كانت القضية مريحة، وغنيمة سهلة، وسفراً قصيراً {لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ}[التوبة:٤٢] المسافة من المدينة إلى تبوك طويلة، والعدو الروم وليست قبيلة من قبائل العرب؛ ولكن الروم! {وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ}[التوبة:٤٢] ولذلك تخلفوا عن الذهاب لأجل المشقة، وكانت غزوة تبوك في حر شديد لذا تناصحوا بقولهم:{وَقَالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ}[التوبة:٨١] فبماذا أجابهم الله؟ {قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ}[التوبة:٨١].
إذاً: لابد أن يكون في التكاليف مشقة، ولكن من رحمة الله أنه جعل المشقة محتملة في التكاليف، فلا تقول: أنا لا أستطيع أن أقوم لصلاة الفجر، لا.
بل تستطيع، فأنت عندما لا تستطيع تنفيذ الحكم يسقطه عنك الشارع ولا يطالبك به، ولا يقول للمريض الذي لا يستطيع القيام: صلِّ قائماً، وإنما يقول له: فإن لم تستطع فصل قاعداً، هذه شريعة من الله وليست دساتير وضعية من البشر.
وبعض الناس يتعللون بعدم تنفيذ الأحكام الشرعية بأن الجو الاجتماعي والوظيفي المحيط بالشخص لا يساعد، وهذه حجة سخيفة؛ لأن معنى ذلك: أنه يُقَدم الناس على الله، وأنه يطيع الناس ويعصي الله، وأنه يرضي الناس بسخط الله، هذا معنى كلمة: الجو الاجتماعي المحيط لا يساعد على ترك هذا المنكر، والناس من حولي لا يعينونني على أداء الواجب، هذا معناه: أنه أرضى الناس بسخط الله، هذا معناه نوع من النفاق، وضعف في الإيمان، وتخاذل ومحبة للناس فوق محبة الله.