بعض الناس -أيها الإخوة- يجمعون ما أمامهم وما وراءهم ليسافروا به، ويرجع بعد السفر (على الحديدة) إن لم يرجع مديوناً، لماذا يفعلون هذا؟! وبعض العوائل يواعد بعضهم بعضاً في الخارج؛ في أماكن المحرمات، وبلاد الكفار، وبلاد الفتنة، يذهبون إلى هناك، ويذهب الرجال من طريق والنساء من طريق آخر، والذي يُقر الخبث في نفسه؛ فإنه لا بد أن يحدث في أهله.
إذا كان السفر سيضيع الأولاد، فلماذا نسافر؟ بعض الرجال يسافرون ويتركون بيوتهم هملاًَ لا راعي لها، وليس هناك من يقوم بشئون أهليهم، تقول الزوجة: زوجي يسافر سفراً طيباً، سفر طاعة إن شاء الله، لكنه يتركني في البيت لوحدي، أخاف أي صوت في الليل، وأنا أسمع عن كثرة السرقات المتعددة، أحياناً لا يكون عندي ماء للشرب، وقد يمرض طفلي الصغير فأضطر في الليل أن أذهب مع سيارة الأجرة لوحدي بهذا الطفل إلى المستشفى؛ لأنه ليس عندي من يأخذه إلى المستشفى.
الرسول صلى الله عليه وسلم يقول:(كفى بالمرء إثماً أن يُضيع من يقوت) كفى بالمرء إثماً أن يضيع عياله وأهله.
يقول شيخ الإسلام رحمه الله عن سفر صاحب العيال: إن كان السفر يُضر بعياله لم يسافر، وسواءً كان تضررهم لقلة النفقة، أو لضعفهم، فسفر مثل هذا حرام، وإن كانوا لا يتضررون مادياً بل يتألمون وتنقص أحوالهم؛ الولد ليس عنده أب في البيت يعطف عليه، والزوجة ليس عندها أنيس، فإن لم يكن في السفر فائدة جسيمة تربو على ثواب مقامه عندهم؛ لأن جلوسه عندهم فيه ثواب، كعلم يخاف فواته، أو شيخ يتعين الاجتماع به، وإلا فمقامه عندهم أفضل.